للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَهَذَا هُوَ أَنْ يَكُونَ شَرْعًا زَائِدًا أَشْبَهُ مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ شَرْعًا مُسْتَنْبَطًا مِنْ شَرْعٍ ثَابِتٍ).

راعى الإمام مالك رَحِمَهُ اللَّهُ الذي يعرف عندنا في أصول الفقه بـ (المصالح المرسلة)، ونعلم أن الأدلة الشرعية أنواع يأتي في مقدمتها الكتاب فالسنة، فهذه أدلة مجمع عليها ولا فوقها أدلة، فكتاب اللَّه عزَّ وجلَّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو المهيمن على كل شيء، وهو قطب (١) هذه الشريعة التي تدور عليه، وما صح عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من هذه السنة التي جاءت بيانًا وتفصيلًا لكتاب اللَّه عزَّ وجلَّ كما بيَّن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذلك في كتابه، ثم يأتي بعد ذلك الإجماع وكذلك القياس، وأقوال الصحابة، وكذلك ما يعرف بالمصالح المرسلة.

والمصالح المرسلة (٢) هي: مسائل اجتهادية؛ أي: يجتهد فيها المجتهد فيرى من المصلحة أن يقرر هذا الحكم.

مثال ذلك: ترون الآن عندنا نظام المرور، هذه الإشارات الموضوعة وتقيُّد الناس بها، ألا ترون فيها مصلحة؟! ربما لو ترك الناس أصحاب السيارات لحدثت مشاكل، وربما تحصل الآن مشاكل مع وجود هذه الضوابط فما بالكم إذا لم توجد؟! فلا نقول بأن هذه خالفت الشريعة وإنما هي مصالح؛ لأن فيها مصلحة للناس.

وسميت مصالح مرسلة؛ لأنها أطلقت من غير قيد، وكذلك كثير من الأنظمة التي اتخذت الآن ليس في المرور وحدها، بل أنظمة كثيرة جدًّا.

فالمالكية يتوسعون أكثر من غيرهم في باب المصالح المرسلة، فمالكٌ يرى أننا نوجب الزكاة على هذا المدير؛ لأن بضاعته تتحرك وما


(١) يقال: فلان قطب بني فلان؛ أي: سيدهم الذي يدور عليه أمرهم. انظر: "الصحاح"، للجوهري (١/ ٢٠٤).
(٢) المصالح المرسلة هي: حكم لا يشهد له أصل من الشرع اعتبارًا وإلغاء. انظر: "بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب" (٣/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>