للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (المَسْأَلَةُ الأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي المَاءِ إِذَا خَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ، وَلَمْ تُغَيِّوْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ طَاهِرٌ؛ سَوَاءٌ أَكانَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ مَالِكٍ (١)، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ) (٢).

القول الأول: (فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ طَاهِرٌ) انتبهوا الآن أخذنا تغير الأوصاف، ماءٌ اختلطت به نجاسة فلم تغير أحد أوصافه، يعني: انحلت فيه النجاسة فذابت في الماء ولا نجد لها أثرًا، يعني: إذا كان عندك إناءٌ فيه ماء، فوقعت فيه نجاسة، ولا تجد أثرًا لهذه النجاسة، تشم الماء فلا تجد أثرًا، تأخذ الماء لتتذوق هذا الماء لا تجد طعمًا للنجاسة، ولا ترى أنَّ اللون قد تغير.

إذًا هذه النجاسة ذابت في هذا الماء واستحالت فيه بمعنى أنها أصبحت جزءًا من هذا الماء، فهل هذا الماء الذي أخذ هذه النجاسة وأذابها وأمضاها، هل نعتبرها مؤثرة في الماء أو لا؟

هذا هو القول الأول، أن الماء لا يزال على طهوريته.

وعندما تقرأ هذا الكتاب قد ترى أنَّ هذا القول ليس من المكانة بشيءٍ كثير، لكن عندما نعرف أن هذا قول لبعض الصحابة منهم. حذيفة وعبد الله بن عباس، وأبو هريرة، ونُقل عن كثير من التابعين: كسعيد بن المسيب والحسن وعطاء، ومجاهد، ونُقل عن جمع غفير من الفقهاء، ولا نقتصر على الأئمة منهم الإمام مالك في روايته المعروفة، وكذلك الثوري


(١) يُنظر: "الشرح الكبير، وحاشية الدسوقي" (١/ ٣٥)؛ حيث قال: "يرفع الحدث وحكم الخبث بالمطلق وهو ما صدق عليه اسم ماء بلا قيد وإن جمع من ندى … (أو) كان المطلق (كثيرًا) بأن زاد عن آنية غسل وكذا يسير على الراجح (خلط بنجس) … (لم يغيره) أحد أوصافه، وإلا سلب الطهورية".
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ١٤٢)؛ حيث قال: "لو أحدث في الماء أو بال خارجًا منه ثم جرى البول فيه فهو طاهر، يجوز الوضوء منه والغسل له ولغيره، إلا أن يغير ذلك البول أو الحدث شيئًا من أوصاف الماء … ، وصح بهذا يقينًا أن الطاهر لا ينجس بملاقاة النجس".

<<  <  ج: ص:  >  >>