للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا مذهب الإمام مالك: هو لو أن إنسانًا ملك مالًا يبلغ نِصابًا، ثم استفاد مالًا آخر، فإذا حال الحول على المال الذي عنده وبلغ نِصابًا لا يُزكي معه الآخر؛ لأن هذا مال مستفاد، ولم يكن ذلك ربحًا للمال. وهذا هو مذهب أحمد (١).

* قوله: (وَبِهَذَا القَوْلِ فِي الفَوَائِدِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (٢). وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٣) وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ (٤): الفَوَائِدُ كُلُّهَا تُزَكَّى بِحَوْلِ الأَصْلِ إِذَا كَانَ الأَصْلُ نِصَابًا، وَكَذَلِكَ الرِّبْحُ عِنْدَهُمْ).

فالحنفية: لا يفرقون بين المال المستفاد وبين الربح ما دام أصل المال قد بلغ نِصابًا وربِحَ ذلك المال أو استفاد إليه مالًا آخر فإنه يُزكي، وبذلك ينفردون عن غيرهم من الأئمة.

تختلف هذه المسألة عن السابقة: فهذا إنسان يملك نِصابًا فاستفاد مالًا آخر يبلغ نِصابًا، فإذا ما حال الحول على الأصل الذي عنده فهل يُزكي هذا المال المستفاد معه؟ أي هل يُعتبر تابعًا له، أم لا؟

يرى مالك: أن المال يُزكى، وإن لم يبلغ الأصل نِصابًا.

أما الحنفية والحنابلة: فقد قيدوا ذلك بأن يبلغ الأصل نِصابًا، لكن الحنابلة أضافوا شرطًا -ذكرناه فيما مضى- هو النماء أن يكون هذا الربح


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٣٩٤ - ٣٩٧)؛ حيث قال: "وما عدا النتاج والربح من المستفاد ولو من جنس ما يملكه لا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول".
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٢/ ٩٢ - ٩٤)؛ حيث قال: "ويجب فيما زاد على النصاب بحسابه".
(٣) يُنظر: "فتح القدير"، للكمال بن الهمام (٢/ ١٩٥ - ١٩٧)؛ حيث قال: "ومن كان له نصاب فاستفاد في أثناء الحول من جنسه ضمه إليه وزكاه به".
(٤) يُنظر: "اللباب في الجمع بين السنة والكتاب"، للخزرجي المنبجي (١/ ٣٥٨)؛ حيث قال: "وقد روي نحو مذهبنا عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، وعن الحسن البصري رَحِمَهُ اللَّهُ، وبه يقول سفيان الثوري".

<<  <  ج: ص:  >  >>