للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهر من هذا أنهم قد راعوا المصلحة، فهذا المال توقف وتعطلت منافعه، فما أرادوا أن يضيعوا حق الفقير فيه، ولا أرادوا أيضًا أن يرهقوا كاهِلَ الغَنيِّ، فتوسطوا؛ فقالوا هذا القول.

* قوله: (فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ بِشَرْطَيْنِ: حُضُورِ عَيْنِ الْمَالِ، وَحُلُولِ الْحَوْلِ؛ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا حَقُّ الْعَامِ الْأَخِيرِ).

الزكاة تجب بشرطين:

الشرط الأول: حُضورُ الْمَالِ؛ أي: وجوده وقد بلغ نِصابًا.

والمقصود بالحضور هنا: أن يُستلَم؛ أي: يُقبَض من المَدِين.

الشرط الثاني: مرور حول -أي: عام هجري- على هذا المال بعد قَبْضه.

* قوله: (وَهَذَا يُشَبِّهُهُ مَالِكٌ بِالْعُرُوضِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ؛ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ عِنْدَهُ فِيهَا زَكاةٌ، إِلَّا إِذَا بَاعَهَا - وَإِنْ أَقَامَتْ عِنْدَهُ أَحْوَالًا كَثِيرَةً).

لعلكم تذكرون أن الإمام مالكًا (١) رَحِمَهُ اللَّهُ خالف جمهور الفقهاء (٢) في


(١) في رواية له. يُنظر: "الفواكه الدواني"، للنفراوي (١/ ٣٣١) حيث قال: "ولا زكاة في أعواض (العروض) ومثلها الكتب والحديد وسائر أنواع الحيوانات التي لا زكاة في أعيانها".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "فتح القدير"، لابن الهمام (٢/ ٢١٨) حيث قال: "الزكاة واجبة في عروض التجارة كائنة ما كانت إذا بلغت قيمتها نصابًا من الورق أو الذهب. . . ولأنها معدة للاستنماء بإعداد العبد فأشبه المعد بإعداد الشرع، وتشترط نية التجارة ليثبت الإعداد. قال (يقومها بما هو أنفع للمساكين)؛ احتياطًا لحق الفقراء".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (١/ ٤٧٦) حيث قال: "وإن اجتمع عند شخص إدارة في عرض واحتكار في آخر وتساويا، أو احتكر الأكثر وأدار الأقل، فكلٌّ على حُكْمه فيهما، يزكِّي المدار كل عام والمحتكر بعد بيعه على ما تقدم، وإلا إن أدار الأكثر فالجميع للإدارة ويبطل حكم الاحتكار".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٣٨١) حيث قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>