يعني المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ بذلك أنه لو وُجد إنسان عنده ماشية، وقد حال عليها الحولُ، ووجبت فيها الزكاةُ، ولكن لم يأتِ الساعي إليه هذا العام، وتكرر ذلك كله في العام الذي يليه، تم جاء الساعي في العام الثالث، فهل نقول لصاحب الإبل والبقر والغنم: لا زكاةَ عليك في الأعوام السابقة؛ لأن الساعي لم يأتِ؟
وبعبارة أخرى: هل عدم وجود الساعي يُسقِط فرض الزكاة في العامَين الأولين؟
بخلاف من ينظر إلى أنها واجبة، وبجب إخراجها كالخرص (١)، بحيث إذا لم يأتِ الخارص فيلزم صاحب المال أن يخرص الثمر أو الحَبَّ ويترك لنفسه الثلث أو الربع، وهذا أمر بينه وبين اللَّه، فَإِنَّهُ يُزَكِّي.
وبهذا يتبين أن الإمام مالكً رَحِمَهُ اللَّهُ راعَى جانب اليسر والتخفيف على الناس، وعدم إلحاق المشقة بهم. فالزكاة لم تُفرَض على الأغنياء لتكون تشديدًا عليهم، وإنما فُرِضت تطهيرًا لأموالهم، وتزكيةً لنفوسهم. وفيها إعزاز للفقراء، ورفعٌ لأحوالهم، وسدٌّ للخَلّة التي تنشأ عن الفقر، والمسكنة.