للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١) فمنهم من قال: أن مَن قَبضَ الدَّين يُزكِّي عن جميع الأعوام.

(٢) ومنهم من قال: يُزكِّي لعام واحد.

(٣) ومنهم من قال: يُستقبَل به عامٌ جديد.

ونحن -في نظرنا- لو أردنا أن نربط بين ذلك، وبين رُوح الشريعة لوجدنا أن أيسر هذه المذاهب، وأقربها إلى الصواب هو القول الثالث. وهذا القول الأخير نُسِب إلى أم المؤمنين عائشةَ -رضي اللَّه عنها- وإلى عِكرمةَ، وأَخذ به الشافعي.

وأما سبب استقبال عام جديد بهذا المال؛ فلأنه مال موقوف لا نماءَ فيه. وإذا كنا نراعي أحوال الفقراء في كثير من الأمور، ونسعى لأن يكون الحظ في جانبهم فينبغي أيضًا ألا نغفل الجانب الآخر ألا وهم المُلَّاك، وأصحابُ الحق، فهذا ما يظهر لي، واللَّه أعلم.

* قوله: (الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: وَهِيَ: حَوْلُ الْعُرُوضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهَا عِنْدَ الْقَوْلِ: فِي نِصَابِ الْعُرُوضِ).

مسألة الْعُرُوضِ هي عروض التجارة، وهي بضم العَين. وقد سبق الكلام عنها، وعرفنا الخلاف فيها بين مالك، وبين غيره من الفقهاء؛ فالإمام مالك يرى بأنها لا تُزكَّى إلا إذا بيعت. والجمهور يرون أنها تُقوَّم في آخر العام إذا حال عليها الحول، وبلغت نِصابًا، ثم تُزكَّى (١).


= حيث قال: "ويزكَّى الدين بعد قبضه لسنة فقط، وإن أقام عند المدين أعوامًا".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج"، للهيتمي (٢/ ٣٣٢ - ٣٣٣) حيث قال: "ولا يجب دفعها؛ أي: الزكاة حتى يتمكن من المال بأن يكون له به بينة أو يعلمه القاضي أو يقدر هو على خلاصه ولا حائل. ومن عليه الدين موسرًا به أو يعود إليه فحينئذ يزكي للأحوال الماضية".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٣٩٠، ٣٩١) حيث قال: "فيزكِّي الدين إذا قبض أو عوض عنه أو أحال به أو عليه أو أبرأ منه لما مضى من السنين".
(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>