عاد المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ مرة أُخرى إلى الفوائد، وكنا قد تكلمنا عن الرِّبْح، وعن الفوائد، ونَزيد الأمر توضيحا هنا فنقول: المقصود بالربح: هو نَماء المال، سواء كانت ماشية، أو عُروض تجارة، أو غيرها، فهو ما يحصل من نماء هذا المال.
والمقصود بالفوائد: هي المال الذي يُردُّ إليك من طرق أُخرى غير المال الذي بيدك. فإذا استفدت إلى جانب المال الذي بيدك مالًا آخر غيره، فهو المراد بالفوائد.
مثال توضيحي:
كما ذكرتُ لكم أنه لو كان عند إنسان مال يبلغ نِصابًا، فمات له إنسان يرثه فورث منه نِصابًا، ثم أَهْدى إليه قريب أيضًا مالًا يبلغ نِصابًا، فقد حصل له نصابان آخران غير النصاب الأول.
وقد تكلمنا عن هذا، وبيَّنا أنه لا يُضم بعضها إلى بعض.
* قوله:(فَإِنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ (١) فِيهَا).
الماشية -كما نعلم- تتوالد، وعليه: فإن لها فوائد، وهذا التوالد فيه
(١) يُنظر: "شرح مختصر خليل"، للخرشي (٢/ ١٤٨) حيث قال: "وضمت الفائدة له وإن قبل حوله بيوم. لا لأقل (ش): الضمير في الموضعين عائد على النصاب، يريد: أن من كان له ماشية ثم أفاد ماشية أخرى، فإن الثانية تضم إلى الأولى، ولو حصل استفادته لها قبل كمال حول الأولى بلحظة إذا كانت الأولى نصابًا وتزكَّى على حول الأولى، وإن كانت أقل من النصاب فلا تضم الثانية لها يريد ويستقبل بهما من يوم حصول الثانية، إلا إن حصلت الفائدة بولادة الأمهات فحولها حولهن وإن كنَّ أقل من نصاب اتفافًا. ثم إن ضم الفائدة للنصاب مقيد بما إذا كانت من جنسه، أما لو كانت بخلاف جنسه، كإبل وغنم لكان كل مال على حوله اتفاقًا، كما قاله في توضيحه. فإذا كان عنده أربعون من الغنم فدخل عليها الحول، ثم قبل مجيء الساعي ملك خمسًا من الإبل، استقبل بها حولًا من يومئذ. وكلام المؤلف في فائدة الماشية بخلاف فائدة العين، فإنها لا تضم لما قبلها، ولو نصابًا، بل تبقى على حولها".