الصلاة والسلام- عندما أُسْرِيَ به ورأى سدرة المنتهى ذكر أنه من نبت تلك الشجرة أنها كانت على قدر قلال هجر.
إذًا وصف الرسول لها وهو يحكي ذلك للصحابة، وهم من العرب الخلَّص، وهذا دليل على أنهم يعرفونها، وإلا كيف يصف لهم أمرًا لا يعرفونه، ولذلك تجدون أن الله -سبحانه وتعالى- عندما يقيم الأدلة كان يضرب لهم أمثالًا مشاهدة قال عزَّ وجلَّ: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} [ق: ٦، ٧]، وقال عزَّ وجلَّ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)} [الغاشية: ١]، كذلك الرسول يذكر لهم أمورًا محسوسة معروفة لديهم.
إذًا الأقوال كما ترون ثلاثة:
القول الأول: أن النجاسة التي لا تغير لونًا ولا طعمًا، لا أثر لها في الماء، فهو طاهر.
القول الثاني: إذا بلغ الماء قلتين لا تؤثر فيه، وما دون القلتين تؤثر فيه
القول الثالث: هو الماء الكثير الذي إذا حركت أحد طرفيه لا تنتقل النجاسة إلى الطرف الآخر، من باب الاحتياط.
وهذا القول الأخير لا دليل عليه في الواقع، ولا يوجد نصٌّ للحنفية في هذا القياس، ولذلك هم وضعوا هذا قياسًا يعني: طبّقوه تطبيقًا قياسيًا، وإلا فليس لهم دليل على ما ذهبوا إليه، نعم، هم يستدلون على ما يتعلق بالنجاسة بعموم أدلة، لكنْ هذا الذي وضعوه لا دليلَ عليه.
(١) يُنظر: "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" لابن نجيم (١/ ٧٨)؛ حيث قال: "وقال أبو حنيفة: في ظاهر الرواية عنه يعتبر فيه أكبر رأي المبتلى به إن غلب على ظنه أنه=