للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَرَّكهُ آدَمِيٌّ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهِ، لَمْ تَسْرِ الحَرَكةُ إِلَى الطَّرَفِ الثَّانِي مِنْهُ).

ذهب الحنفية إلى هذا القول؛ لأنهم يستدلون بالحديث المتفق عليه أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: "لا يبولنَّ أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه". وهو حديث متفق عليه، وفي رواية للبخاري: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ " (١) الذي لا يجري بيان للدائم "ثم يغتسل فيه". فيقولون: هذا نصٌّ في النهي على أن لا يبولَ الإنسان في الماء الدائم، فدلَّ ذلك على أنَّ الماء يتأثر بالنجاسة، ولا يخرجنا من ذلك إلا أن نخص من ذلك الماء الكثير الذي وصفوه.

إذًا؛ قالوا: هذا دليل يدلُّ على أنَّ البول يؤثر في الماء؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه "، قالوا: فهذا نهي، والنهي يقتضي الفساد، ولا مانع هنا إلا النجاسة.

إذًا الذي يخرج من هذا هو الماءُ الكثير الذي لا تسري به النجاسة إلى أطرافه الأخرى.

* قول: (وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ (٢) إِلَى أَنَّ الحَدَّ فِي ذَلِكَ هُوَ قُلَّتَانَ مِنْ قِلال هَجَرَ، وَذَلِكَ نَحْوُ خَمْسِمِائَةِ رِطْلٍ).

مذهب الشَّافِعِيُّ وأحمدُ في المشهور عنه، ومعهم جماعة كثيرون إلى


= بحيث تصل النجاسة إلى الجانب الآخر لا يجوز الوضوء وإلا جاز وممن نص على أنه ظاهر المذهب شمس الأئمة السرخسي في المبسوط وقال: إنه الأصح وقال الإمام الرازي في أحكام القرآن في سورة الفرقان: إن مذهب أصحابنا أن كل ما تيقنا فيه جزءًا من النجاسة أو غلب على الظن ذلك لا يجوز الوضوء به سواء كان جاريًا أو لا. اهـ ".
(١) البخاري ح ٢٣٩.
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ١٢٣)؛ حيث قال: " (ولا تنجس قلتا الماء) الصرف (بملاقاة نجس) جامد أو مائع … وفارق كثير الماء كثير غيره فإنه ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة".

<<  <  ج: ص:  >  >>