أنَّ الحد في ذلك هو القلتين، ودليلهم في ذلك قال:"إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث". وفي رواية:"لم ينجس".
قالوا: فهذا نصّ في أنَّ الماء إذا بلغ قلتين لا تلحقه النجاسة.
ويرد عليهم بعض العلماء بعدة ردود ويقولون: إذا كنتم تقولون بأنه إذا بلغ الماء قلتين لا ينجس، فمعنى هذا أنه حتى إذا غير أحد أوصافه لا ينجس.
يقولون: لا، هذا مخصوص؛ لأنَّ الإجماع قد خصّ هذا الحديث، يعني: إذا وصل الماء قلتين لا ينجسه شيء إلا الذي يغير اللون أو الطعم والريح، فاعتبروا حديثهم هذا عامًّا يخصّصه هذا الحديث.
إذًا، هم يقولون:"لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه" فهم يرون: أن حديثهم يُخَصِّص حديث بئر بضاعة الذي سيأتي.
وحديث بئر بضاعة عندما سئل الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يُرمى فيها لحومْ الكِلَابِ والحَيْضِ والنَّتنْ، فقال:"الماء طهور لا ينجسه شيء".
وهذا الحديث سنرى أنه عمدة الفريق الأول الذين قالوا: لا يتأثر لأنَّ: "الماء طهور لا ينجسه شيء"، وهذا يتعارض مع حديث القلتين، ويتعارض مع حديث:"لا يبولن أحدكم في الماء الدائم"، ويتعارض أيضًا مع حديث:"إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء"، وقد يعارضه في الظاهر أيضًا حديث الأعرابي:"صبوا على بول الأعرابي ذنوبًا من الماء".
وهذه الأحاديث كلُّها ظاهرها التعارض، لكنَّها تحتاج إلى أن يُجمعَ بينها، فكل فريقٍ حاول أن يصرف بعض الأدلة لقوله، وأن يدعم بها رأيه.