للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كرر المؤلف -عفا اللَّه عنا وعنه- هذه العبارة: (هَلْ هِيَ عِبَادَةٌ، أَوْ حَقٌّ؟!) والواقع أنه لا خلاف في أنها عبادة. لكن: هل هي عبادةٌ مؤقتة، أو لا؟

فالمؤلف يقيسها على الصلاة، والصلاة لا يمكن أن تُقدم على وقتها؛ لأن اللَّه عزَّ وجلَّ يقول: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣].

فقوله: {مَّوْقُوتًا}: أي مفروضة في الأوقات.

وفي الحديث: أنه لما صلَّى جبريل عليه السلام برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند البيت مرتين؛ صلى به صلاة الظهر عندما زالت الشمس، وفي اليوم الثاني صلاها عندما صار ظلُّ كل شيء مثله. وصلى به العصر في اليوم الأول عندما صار ظلُّ كل شيءٍ مثله، وفي الثاني عند المِثْلين. وصلى به المغرب عندما غربت الشمس. وصلى به العشاء بعد أن غاب الشفق الأحمر. وصلى به الفجر بعد أن طلع. ثم قال جبريل عليه السلام لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: الوقت ما بين هذين (١).


= معنى العبادة والقربة في الزكاة، فحتموا على المالك إخراج العين التي جاء بها النص، ولم يجوزوا له إخراج القيمة. وغلب أبو حنيفة وأصحابة وآخرون من الأئمة الجانب الآخر: أنها حق مالي قصد به سد خلة الفقراء، فجوزوا إخراج القيمة. انظر: "فقه الزكاة"، للقرضاوي (٢/ ٢٨٩) ط. موسسة الرسالة. "البحر الرائق"، لابن نجيم (٤/ ١١٩) و"حاشية ابن عابدين" (رد المحتار) (٢/ ٣٥٣).
(١) أخرجه الترمذي (١٤٩) عن ابن عباس، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أمَّني جبريل عند البيت مرتين، فصلى الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك، ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين كاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر، وحرم الطعام على الصائم، وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إلي جبريل، فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت فيما بين هذين الوقتين". وصححه الألباني في المشكاة (٥٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>