للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن نؤخرها، إلا لمن سبق ذِكرُه، كأهل الأعذار، وفي حالة الجمع بين الصلاتين. . . إلخ.

أما الزكاة فقد حصلت من سيد البشر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وممن أخذَها مِن عمه العباس -رضي اللَّه عنه- (١)، وهو من الأغنياء في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وعندما خطب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطبته المشهورة في الحج قال: "وإنَّ أولَ ربًا أضعُه إنما هو ربا العباس" (٢). فهنا وُجد الدليل على أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذ الزكاة من عمه العباس -رضي اللَّه عنه- معجَّلةً قبل وقتها.

* قوله: (وَشَبَّهَهَا بِالصَّلَاةِ، لَمْ يُجِزْ إِخْرَاجَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ).

نحن نقول: هذا تشبيهٌ مع الفارق؛ لأن الصلاة لا يجوز أن تؤدَّى في غير وقتها؛ إلا فيما ورد النص باستثنائه، كما سبق. أما الزكاة فقد ثبت أن أُدِّيت قبل حلول الحول، والحول إنما اشتُرط في الإيجاب، لا في الجواز. ولننظر إلى المصلحة العامة:

فلو فرضنا أن الإمام احتاج إلى مصارف الزكاة - وقد مرت بالدولة الإسلامية ظرفٌ من الظروف، واحتاج الإمام إلى أن تُقدَّم له زكاة هذا المال معجَّلةً؛ لينفقَها في بعض المصارف: فلماذا نمنع ذلك؟!

فقد ينزل بالناس قحط مثلًا، ويحتاج الفقراء والمساكين إلى الزكاة قبل وقتها.

وقد يحتاج الإمام الزكاة قبل وقتها؛ ليجهِّز الغزاة والمجاهدين. وقد يخلو بيت مال المسلمين قبل وقت جمع الزكاة من مال، أو يقلُّ المال فيه عن حاجة الناس.

الشاهد: أنه قد تظهر أي حاجة تستدعي تقديم الزكاة قبل وقتها: فلماذا نُضيِّق واسعًا لو منعنا ذلك؟!


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم (١٢١٨) عن جابر، وفيه: ". . . . وأول ربا أضع ربانا؛ ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله".

<<  <  ج: ص:  >  >>