للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحجتهم في ذلك: أن اللَّه عزَّ وجلَّ ابتدأ به، والعرب -كما أشرنا- لا تقدّم عادةً الشيء إلا لأهميته.

وقالوا: وجدنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- استعاذ من عدة أمور، كما في الحديث المتفق عليه، ومما استعاذ منه الفقر (١).

ولا يخفى أن الفقر له أضرار جمة، لكنه لو قُدّر أن إنسانًا ابتُلي به فعليه أن يصبر وأن يحتسب، وهذا هو أمر المؤمن: "إن أصابته ضرَّاءُ


= الثمانية: (الفقراء) بدأ بهم؛ اتباعًا للنص، ولشدة حاجتهم (وهم أسوأ حالًا من المساكين)؛ لبداءة اللَّه بهم، وإنما يبدأ بالأهم فالأهم. . . . ولا يجوز أن يسأل شدة الحاجة ويستعيذ من حالة أصلح منها، ولأن الفقير مشتق من فقر الظهر، فقيل: فقير بمعنى: مفعول أي مفقور: وهو الذي نزعت فقرة ظهره، فانقطع صلبه".
وذهب الحنفية والمالكية إلى أن المسكين أشد حاجة من الفقير، وأحتجوا بأن اللَّه تعالى قال: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)} [البلد: ١٦].
مذهب الحنفية، يُنظر: "يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (رد المحتار) (٢/ ٣٣٩) (قوله: من لا شيء له)، فيحتاج إلى المسألة لقوته وما يواري بدنه، ويحل له ذلك بخلاف الأول يحل صرف الزكاة لمن لا تحل له المسألة بعد كونه فقيرًا فتح. (قوله: على المذهب) من أنه أسوأ حالًا من الفقير. وقيل: على العكس والأول أصح بحر وهو قول عامة السلف إسماعيل. وأفهم بالعطف أنهما صنفان وهو قول الإمام. وقال: الثاني صنف وأحد وأثر الخلاف يظهر فيما إذا أوصى بثلث ماله لزيد والفقراء والمساكين، أو وقف كذلك كان لزيد الثلث ولكل صنف ثلث عنده. وقال الثاني: لزيد النصف ولهما النصف، وتمامه في النهر. (قوله لقوله تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)} [البلد: ١٦].
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير"، للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (١/ ٤٩٢) حيث قال: " (ومصرفها)؛ أي: محل صرفها؛ أي: الذي تصرف إليه (فقير) لا يملك قوت عامه (ومسكين، وهو أحوج) من الفقير؛ لكونه الذي لا يملك شيئًا بالكلية (وصدقَا) في دعواهما الفقر والمسكنة".
(١) أخرجه أبو داود (١٥٤٤) عن أبي هريرة، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الفقر، والقلة، والذلة، وأعوذ بك من أن أظلم، أو أظلم". وقال الألباني في صحيح أبي داود - الأم (٥/ ٢٦٩) إسناده جيد، وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>