للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صبر، فكان خيرًا له" (١)، كما جاء في الحديث. ولا شك أن الفقر من الضراء، فإن أُصِبت بالفقر، ورضيت بقضاء اللَّه وبقدره، وعلمت بأن اللَّه عزَّ وجلَّ هو الذي قدَّر لك هذا الأمر، وأنك لم تُقصِّر في طلب المعيشة، وفي البحث عن سبل الرزق والوصول إليه، بل قُدِّر لك أن تكون فقيرًا فارْضَ بما قدَّره اللَّه لك؛ ليجازيك اللَّه عزَّ وجلَّ على صبرك.

* قوله: (فَأَمَّا عَدَدُهُمْ: فَهُمُ الثَّمَانِيَةُ، الَّذِينَ نَصَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ؛ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] الْآيَةَ).

عدد الأصناف: قد عدّهم اللَّه عزَّ وجلَّ وبيّنهم في كتابه؛ فلا يُزاد عليهم.

ونعلم أن لفظة "إِنَّمَا" هي من أدوات حصر، فقد حصرهم اللَّه عزَّ وجلَّ في هذه الأصناف الثمانية.

والسؤال: هل يجوز أن تُعطَى الزكاة لغير هؤلاء، كأن تُبنى بها المساجد، والقناطر، والمدارس، وغير ذلك من الأمور؟ أو أن ذلك خاصٌّ بهذه الثمانية؟

الجواب: بل تُقصر الزكاة على هؤلاء الثمانية فقط؛ لأن اللَّه عزَّ وجلَّ بيَّن أمرهم، ولم يترك بيان ذلك لغيره عزَّ وجلَّ.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا مِنَ الْعَدَدِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ).

الحقيقة: أنه لم يكن الخلاف في مسألتين فقط، وإنما في مسائل كثيرة.

ولكن المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى يُعنى -كما نعلم- بأمهات المسائل، ويقتصر على أظهرها وأقربها من منطوق النص، أو مفهومه.

* قوله: (إِحْدَاهُمَا: هَلْ يَجُوزُ أَنْ تُصْرَفَ جَمِيعُ الصَّدَقَةِ، إِلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ؟).

يعني المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ بذلك أنه: هل يجوز أن يُقتصر في الزكاة على


(١) أخرجه مسلم (٢٩٩٩) عن صهيب، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرًا له".

<<  <  ج: ص:  >  >>