للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: بل ذهب الأئمة؛ مالكٌ، وأبو حنيفة، وأحمد (١)، وجماهير العلماء إلى أنه يجوز أن تُصرف في صنفٍ واحد.

* قوله: (إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ؛ إِذَا رَأَى ذَلِكَ، بِحَسَبِ الْحَاجَةِ).

هذا القول هو قول جماهير العلماء -كما رأينا- ولم يُخالف في هذه المسألة إلا الإمام الشافعي.

وحجة الجمهور في ذلك:

قد استدل الجمهور على قولهم هذا بأدلة، وليست فقط -كما قال المؤلف -رَحِمَهُ اللَّهُ- متعلقة بالمعنى فحسب، وإنما قد استدلوا بنص حديث جاء عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فقد جاء في حديث معاذ -رضي اللَّه عنه- المتفق عليه، عندما أرسله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اليمن، وقال له: "إنك ستأتي قومًا أهلَ كتاب؛ فليكن أولَّ ما تدعوهم إليه شهادةُ أن لا إله إلا اللَّه".

ثم بعد ذلك قال: "فإن هم أطاعوك -بعد أن ذكر الصلاة- فأَعْلِمهم أن اللَّه قد افترض عليهم صدقةً، تُؤخذ من أغنيائهم، فتُرد في فقرائهم" (٢).


(١) يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٢٨٧) "ولا يجب الاستيعاب، كما لو فرقها الساعي ولا) يجب (التعداد من كل صنف)؛ أي: لا يجب أن يعطي من كل صنف ثلاثة فأكثر، (كالعامل) على الزكاة لا يجب تعدده. (فلو اقتصر) رب المال في دفع الزكاة (على صنف منها)؛ أي: من الأصناف الثمانية (أو) اقتصر على (واحد منه أجزأه) ذلك، نص عليه وهو قول عمر وحذيفة وابن عباس؛ لقوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: ٢٧١] الآية. ولحديث معاذ حين بعثه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لليمن؛ ولقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لقبيصة: "أقم عندنا حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها". وأمر بني زريق بدفع صدقتهم إلى سلمة بن صخر، ولو وجب الاستيعاب لم يجز صرفها إلى واحد؛ ولما فيه من العسر، وهو منفي شرعًا، والآية إنما سيقت لبيان من تصرف إليه، لا لتعميمهم، وكالوصية لجماعة لا يمكن حصرهم".
(٢) أخرجه البخاري (١٤٩٦) ومسلم (١٩) عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- =

<<  <  ج: ص:  >  >>