للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه: فإذا لم يجد الساعي الذي يجمع الزكاة من يأخذها في البلد الذي وجبت فيه، فيجوز له أن ينقلها إلى غير هذا البلد. مع أن بعض العلماء لا يُجيز إخراجها، إلى بلد آخر غير الذي وجبت فيه، مطلقًا. وهي رواية معروفة مشهورة عند الحنابلة (١)، إلا إذا لم يجد من يأخذها؛ أي: الزكاة.

وأكثر العلماء (٢) -وهم بقية الفقهاء- يجيزون نقلها إذا كانت هناك حاجة لنقلها عن البلد التي وجبت فيه.


(١) يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٢٦٣) حيث قال: " (ولا يجوز نقلها)؛ أي: الزكاة (عن بلدها إلى ما تقصر فيه الصلاة ولو) كان النقل (لرحم وشدة حاجة أو لاستيعاب الأصناف)، والساعي وغيره سواء، نص على ذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "أخبِرْهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم". متفق عليه.
وعن طاوس قال في كتاب معاذ: من خرج من مخلاف إلى مخلاف، فإن صدقته وعشره في مخلاف عشيرته. رواه الأثرم. (فإن خالف وفعل)؛ أي: نقل الزكاة إلى بلد تقصر فيه الصلاة (أجزأه) المنقول؛ للعمومات؛ ولأنه دفع الحق إلى مستحقه فبرئ، كالدين والفطرة كزكاة المال".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "تبيين الحقائق"، للزيلعي (١/ ٣٠٥) حيث قال: " (وكره نقلها إلى بلد آخر لغير قريب وأحوج)؛ أي: كره نقل الزكاة إلى بلد آخر لغير قريب ولغير كونهم أحوج، فإن نقلها إلى قرابته أو إلى قوم هم إليها أحوج من أهل بلده لا يكره. . . ولأن فيه رعاية حق الجوار فكان أولى. وأما عدم كراهية نقلها إلى أقاربه أو إلى قوم هم أحوج من أهل بلده. . . ولأن فيه صلة القريب أو زيادة دفع الحاجة فلا يكره. وإن نقله لغير ذلك يجوز مع الكراهية؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠]. إلى غير ذلك من النصوص من غير قيد بالمكان. ثم المعتبر في الزكاة مكان المال حتى لو كان هو في بلد وماله في بلد أُخرى يفرق في موضع المال، وفي صدقة الفطر يعتبر مكانه لا مكان أولاده الصغار وعبيده في الصحيح. والفرق: أن الزكاة محلها المال، ولهذا تسقط بهلاكه. وصدقة الفطر في الذمة؛ ولهذا لا تسقط بهلاكهم. وقالوا: الأفضل في صرف الصدقة أن يصرفها إلى إخوته ثم أولادهم ثم أعمامه الفقراء ثم أخواله الفقراء ثم ذوي الأرحام ثم جيرانه ثم أهل سكنه ثم أهل مصره".
مذهب المالكية، يُنظر: "المعونة"، للقاضي عبد الوهاب (ص: ٤٤٤) "إذا وجد =

<<  <  ج: ص:  >  >>