للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحضَّ على الكرم (١)، ورغَّب فيه، وهي صفة حميدة.

لكن لا ينبغي أن يتجاوز الإنسان الحد؛ فيذهب إلى درجة الرياء، حتى يقال عنه: فلان كريم، وكذا في الشجاعة، حتى يقال: فلان شجاع!

فإن من أول من تسعر بهم النار -كما نعلم- الذي يجاهد؛ ليقال: فلان شجاع. أو الذي يقرأ القرآن؛ ليقال: فلان يقرأ القرآن. وأمثال هؤلاء (٢). فلا ينبغي للإنسان أن يسر، وهذا الأمر لا شك أنه يُرجع فيه إلى العادة. مع أن الذي يكون عنده شيء من الإسراف لا يصل إلى درجة من يستدين لمعصية اللَّه عزَّ وجلَّ.


(١) أخرجه البخاري (٦٠١٩) ومسلم (٤٨) عن أبي شريح العدوي، قال سمعت أذناي، وأبصرت عيناي، حين تكلم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته". قال: وما جائزته يا رسول اللَّه؟ قال: "يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه، ومن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت".
(٢) أخرجه الترمذي (٢٣٨٢) وغيره، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه -تبارك وتعالى- إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد؛ ليقضي بينهم وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل اللَّه، ورجل كثير المال، فيقول اللَّه للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى يا رب. قال: فماذا عملت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول اللَّه له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول اللَّه: بل أردت أن يقال: إن فلانًا قارئ فقد قيل ذاك، ويؤتى بصاحب المال فيقول اللَّه له: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول اللَّه له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول اللَّه تعالى: بل أردت أن يقال: فلان جواد فقد قيل ذاك، ويؤتى بالذي قتل في سبيل اللَّه، فيقول اللَّه له: في ماذا قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول اللَّه تعالى له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت، ويقول اللَّه: بل أردت أن يقال: فلان جريء، فقد قيل ذاك. ثم ضرب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على ركبتي فقال: "يا أبا هريرة، أولئك الثلاثة أول خلق اللَّه تسعر بهم النار يوم القيامة". وصححه الألباني في صحيح الجامع (١٧١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>