للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَكَذَلِكَ ابْنُ السَّبِيلِ يُعْطَى مَا يَحْمِلُهُ).

ابن السبيل: هو إنسان مر بمكان ما، فانقطع، ونعلم أن الإنسان عُرضة في هذه الحياة -حتى في زمننا هذا- لمثل هذا، فقد يذهب الإنسان إلى بلد ما، وهو غريب فيها، فربما يفقد نفقته، أو تنتهي، وربما تسرق منه، فهذا كله محتمل.

وقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، كمَثِلِ الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسد بالحمَّى والسهر" (١).

وكذلك قال -صلى اللَّه عليه وسلم-أيضًا: "المؤمن للمؤمنِ كالبنيان، يشدُّ بعضُه بعضًا" (٢). فإن وجد ابن السبيل من يعطه متبرعًا، فبها ونِعْمَت، وجزى اللَّه خيرًا هذا المتبرع.

ولكن: لو وجد إنسانًا يقرضه: فهل يلزمه أن يأخذ القرض؟ أو يحل له أن يأخذ من هذا المتبرع؟

هذه المسألة: لم يعرضها المؤلف، وقد جاءت الآن في ذهني، وهي مهمة جدًا، وقد تكلم عنها الفقهاء؛ لأن ربما يمر أحدنا بمثل هذه الحاجة فيجد إنسانًا يقرضه فيقول له مثلًا: خذ مائة ريال، أو خمسمائة ريال، أو ألف ريال حسب الحاجة، ومتى ما يسر اللَّه عليك؛ فردَّها عليَّ. ولو قدر أنك عجزت عن ذلك فأنا أتنازل عن ذلك، وأسامحك فيه؛ حتى لا يعلَّق الدَّين في عنقك. فإن من أخطر ما يدعه الإنسان بعد حياته هو الدَّين.

فهل يلزمه -وهو في هذه الحالة- أن يأخذ القرض؟ أو يأخذ من الصدقة؟


(١) أخرجه البخاري (٦٠١١) ومسلم (٢٥٨٦) واللفظ له.
(٢) أخرجه البخاري (٤٨١) ومسلم (٢٥٨٥) عن أبي موسى، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"، وشبك أصابعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>