للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح: أنه يأخذ من الزكاة؛ لأن اللَّه -عزَّ وجلَّ- أباحها له، ونص عليه ضمن الأصناف الثمانية؛ حيث قال تعالى: {وَابْنِ السَّبِيلِ} [التوبة: ٦٠].

ولم يقيد اللَّه -عزَّ وجلَّ- ذلك في كتابه، ولم يقيد ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فيبقى الأمر على الإطلاق. لكن إن وجد من يقرضه، وأراد أن يتعفف، وأن يترفع عن الزكاة -فالزكاة كما سماها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (أوساخ الناس) - فله في هذه الحالة أن يأخذ القرض بدل الزكاة. وفرْق بين الزكاة الواجبة، والصدقة الواجبة، وبين الصدقة المستحبة غير الواجبة.

والقرض كما يستفيد به من يأخذه، فإنه -كما نعلم- يُثاب صاحبه المقرض؛ ولذا قال اللَّه -عزَّ وجلَّ-: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: ٢٤٥].

* قوله: (إِلَى بَلَدِهِ).

فابن السبيل يعطى من الزكاة نفقة توصله إلى بلده. وقد يتفرع عن هذه المسألة مسألة الغازي إذا أعطي، وعاد إلى بلده وانتهى من الغزو. وهنا مسألة متعلقة بابن السبيل أيضًا وهي: إذا زاد شيء من الزكاة عن حاجته هل يرده؟ أو يأخذه ويتصرف فيه؟

وهذه المسألة فيها كلام للفقهاء، ولم يعرض لها المؤلف؛ لأنه يراها من جزئيات المسائل. والأولى له أن يرد ذلك لبيت المال؛ خروجًا من الخلاف، وها هو الأحوط له في دِينه؛ وذلك لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في الحديث: "دَع ما يَريبك إلى ما لا يَريبك" (١).

* قوله: (وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَا يَحْمِلُهُ إِلَى مَغْزَاهُ عِنْدَ مَنْ جَعَلَ ابْنَ السَّبِيلِ الْغَازِيَ).

هناك من العلماء من فسر ابن السبيل بأنه الغازي (٢)، لكن الظاهر -كما هو معلوم- أنه المسافر.


(١) أخرجه الترمذي (٢٥١٨) وصححه الألباني في المشكاة (٢٧٧٣).
(٢) وهم الحنابلة وقد تقدم وانظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>