للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ حَدًّا، وَصَرَفَهُ إِلَى الِاجْتِهَادِ) (١).

هذا الكلام -في حقيقة الأمر- ليس بدقيق من المؤلف مع أنه مالكي المذهب! وإنما المشهور في مذهب المالكية أنه يجوز أن يعطى الفقير والمسكين من الزكاة ما يسد حاجته، وما يحتاج إليه في ذلك، وقد يصل ذلك إلى حد النِصاب عندهم، وقد لا يصل، فهم لا يشترطون ذلك.

بخلاف الحنفية، فأجازوا أن يعطى الفقير والمسكين من الزكاة، شريطة أن يصل إلى أول قدر النِّصاب ولا يتجاوزه.

* قوله: (وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (٢)؛ قَالَ: وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يُعْطَى مِنْ ذَلِكَ نِصَابًا، أَوْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ. وَكَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ (٣) أَنْ يُعْطَى أَحَدٌ مِنَ الْمَسَاكِينِ مِقْدَارَ نِصَابٍ مِنَ الصَّدَقَةِ).

إن سبب كراهة الإمام أبي حنيفة إعطاء المسكين مقدار نِصاب؛ لأنه سيصير بذلك غنيًّا، فلا ينبغي أن يرفع إلى درجة الغِنى وذلك لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في الحديث: "صدقة تؤخذ من أغنيائهم؛ فترد في فقرائهم" (٤).

فإذا أعطي هذا القدر صار غنيًّا. لكن بقية الفقهاء قد نظروا نظرة أبعد؛ فأجازوا أن يعطى الفقير والمسكين من مال الزكاة؛ حتى يرفع عن نفسه الفقر والمسكنة، وإن وصل ذلك إلى حد النِّصاب، أو زاد عنه؛


(١) تقدم.
(٢) تقدم قوله.
(٣) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (رد المحتار) (٢/ ٣٣٩) حيث قال: "والحاصل أن المراد هنا الفقير للمسكين لا للغني. (قوله: أي دون نصاب)؛ أي: نام فاضل عن الدَّين، فلو مديونًا فهو مصرف كما يأتي (قوله: مستغرق في الحاجة)، كدار السكنى وعبيد الخدمة وثياب البذلة وآلات الحرفة وكتب العلم للمحتاج إليها تدريسًا أو حفظًا أو تصحيحًا كما مر أول الزكاة".
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>