للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد نجد فقيرًا، مسكينًا، رثَّ الثياب، ربما لو رفع يديه إلى السماء فقال: يا رب، يا رب. لاستجاب اللَّه -عزَّ وجلَّ- دعائه!

وربما نجد إنسانًا خزائنه مملوءة بالأموال، وله مظهر حسن، وجمال، وغير ذلك، ولا ينظر اللَّه إليه، فيرفع يديه إلى السماء ويقول: يا رب، يا رب. ولكن حاله -كما في الحديث- "مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟ "! (١).

فهذه الأمور تخضع بشيء واحد؛ وهو التقوى، كما قال اللَّه -عزَّ وجلَّ-: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣].

* قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: يُعْطَى مَا يَبْتَاعُ بِهِ خَادِمًا - إِذَا كَانَ ذَا عِيَالٍ، وَكَانَتِ الزَّكَاةُ كَثِيرَةً) (٢).

هذه -في حقيقة الأمر- تفصيلات عند بعض العلماء؛ فبعضهم يقول: لو احتاج إلى خادم فيعطى من الزكاة، ولو احتاج أيضًا لشراء مسكنٍ، فيعطى؛ ليستكف به، ويحفظ نفسه، وأولاده فيه.

* قوله: (وَكَأَنَّ أَكْثَرَهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُعْطَى عَطِيَّةً، يَصِيرُ بِهَا مِنَ الْغِنَى فِي مَرْتَبَةِ مَنْ لَا تَجُوزُ لَهُ الصَّدَقَةُ؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، فَوْقَ الْقَدْرِ الَّذِي هُوَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ:


(١) أخرجه مسلم (١٠١٥) عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيها الناس، إن اللَّه طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن اللَّه أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)} [المؤمنون: ٥١]. وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: ١٧٢] "، ثم ذكر الرجل "يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنّى يستجاب لذلك؟ ".
(٢) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٣/ ٢١٠) حيث قال: "وقال الليث: يعطى مقدار ما يبتاع به خادمّا إذا كان ذا عيال وكانت الزكاة كثيرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>