للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا ابن اللبان من الشافعية (١)، بَلْ إنَّ من العلماء مَنْ حكى الإجماع على فرضية زكاة الفطر، وممن حكى الإجماع ابن المنذر (٢)، لكن الخلاف موجود، وهو يعتبر خلافًا ضعيفًا، وسيأتي أيضًا من يرى أنها منسوخة كما سيبين المؤلف.

* قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِالزَّكَاةِ).

فقَوْلهم: "منسوخة بالزكاة"، أيْ: بفرض زكاة المال، وَسَبق أن تكلمنا عن زكاة المال، وأنها تجب في أنواع أربعة، وأن ثلاثة أنواع منها يُشْتَرط لها الحول عدا ما يتعلق بالحبوب والثمار، فإن الزَّكَاةَ تجب في الحَبِّ إذا اشتدَّ، وفي الثمر إذا بدَا صلاحه، أَيْ: إذا احمر، أو اصفر.

إذًا، إذَا بدا صلاحُهُ، أما بالنسبة لزكاة النقدين وعروض التجارة وبهيمة الأنعام، فإنها يُشْترط فيها حَوَلان الحول، ويُشْترط فيها كذلك أن تبلغ نِصَابًا، فهل هذا الشرط موجود في زكاة الفطر؟

زكاة الفطر على الرأي الصحيح لا يُشْترط لها نِصاب، إذًا الذين قالوا: بأنها منسوخة (٣) هو إبراهيم بن عُلية، وكذلك أبو بكر الأصم (٤)،


= بعيد أي: لأن "فرض" وإن كان في أصل اللغة بمعنى قدر لكل نقل في عرف الشرع إلى الوجوب، فيتعيَّن الحمل عليه".
(١) يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (٢/ ٢٩١) قال: "زكاة الفطر: هي واجبة. وقال ابن اللبان من أصحابنا: غير واجبة. قلت: قول ابن اللبان شاذ منكر، بل غلط صريح".
(٢) يُنظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص ٤٧) حيث قال: "وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض"، ويُنظر: "الإشراف" لابن المنذر (٣/ ٦١).
(٣) المراد بالنسخ هنا رفع الوجوب، وبقاؤه على الندب، ولذلك سوَّى النوويُّ بينهما وبين مَنْ قال بالنيَّة، حيث قال "المجموع" (٦/ ١٠٤): "وحكى صاحب البيان وغيره عن ابن اللبان من أصحابنا أنها سنة وليست واجبة، قالوا: وهو قول الأصم وابن علية"، والفارق بينهما أن ممَّن قالوا بالسنية من أصحاب مالك وغيرهم مرادهم أن زكاة الفطر شُرعَت ابتداءً وحكمها الندب بخلاف ابن عُلَية والأصم، فمرادُهُم أنها أول ما شُرعَت كانت واجبةً، ثم نُسِخَ حكمها إلى الندب، واللَّه أعلم.
(٤) قَالَ الشَّوْكَانيُّ في "السيل الجرار" (ص ٢٦٦): "وقَدْ نقل ابن المنذر وغيره الإجماع =

<<  <  ج: ص:  >  >>