للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: نعم؛ لأن عبد اللَّه بن عمر عندما قال: "فرض رسول اللَّه"، وكذلك أيضًا ابن عباس، وأيضًا كذلك أبو سعيد عندما قال: "كنا نخرجها على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، هؤلاء إنما فَهمُوا من ذَلكَ أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَوْجَبها، وألزم الناس بها، وإلَّا لَوْ لم تكن واجبةً، لما قال: "فرض رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وبَعْضهم أشكل عليه هل هي يحد أو يعد، أو نحو ذلك، والصحيح أنها لم يحد؛ أي: لم ينقل لنا لفظ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

والجواب في ذلك: أن هذا الحديث صريحٌ في فرضها، فهذا دليلٌ على أن ابن عمر نقل ما فهم عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكَذَلك نقل ابن عباس وغيرهما من الصحابة، وهذا صريحٌ في أنَّ زكاة الفطر واجبة.

* قوله: (وَثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ فِي حَدِيثِ الأَعْرَابِيِّ المَشْهُورِ: "وَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: "لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ" (١).

وهذا الحديث مرَّ بنا في الصلاة والحج، والذي جاء فيه الأعرابي


= الحديث بالمعنى إلا للعَالِم، ثم إنهم اختلفوا في جواز الرواية بالمعنى للعَالِم على قولين:
القول الأول: المنع مطلقًا.
القول الثاني: الجواز بشروط، وهو المختار، وعليه العمل.
انظر: "اختصار علوم الحديث"، لابن كثير (ص ١٤١)، وفيه قال: "وأما روايته الحديث بالمعنى: فإن كان الرَّاوي غير عَالِمٍ ولا عارفٍ بما يحيل المعنى: فَلَا خلافَ أنه لا تجوز له روايته الحديث بهذه الصفة، وأما إذا كان عالمًا بذلك، بصيرًا بالألفاظ ومَدْلولاتها، وبالمُتَرادف من الألفاظ، ونحو ذلك، فقد جوز ذلك جمهور الناس سلفًا وخلفًا، وعليه العمل، كما هو المشاهد في الأحاديث الصحاح وغيرها، فإنَّ الواقعةَ تكون واحدةً، وتجيء بألفاظ متعددة، من وجوه مختلفة متباينة، ولما كان هذا قد يوقع في تغيير بعض الأحاديث، مَنَع من الرواية بالمعنى طائفة آخرون من المحدثين والفقهاء الأصوليين، وشددوا في ذلك آكد التشديد، وكان ينبغي أن يكون هذا هو الواقع، ولكن لم يتفق ذلك، واللَّه أعلم". وانظر: "شرح علل الترمذي" لابن رجب (١/ ٤٢٥ - ٤٣٠).
(١) أخرجه البخاري (٤٦)، ومسلم (١١) من حديث طلحة بن عبيد اللَّه -رضي اللَّه عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>