للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا، هَذَا رأيٌ ضعيفٌ لا يُلْتفت إليه، والرأي الصحيح إنما هو رأي جمهور العلماء الذين يوجبون زكاة الفطر على كل مسلمٍ (١)، سواء كان يَسْكن في البادية أو في القرية، أو كان أيضًا يسكن في المدن، أو كان يسكن في هِجْرةٍ من الهجر، حتى وإن كان يعيش في غير بلاد المسلمين، فإنَّ الزكاة تجب عليه ما دام مسلمًا.

* قوله: (وَمَا شَذَّ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ مَنْ لَمْ يُوجِبْهَا عَلَى اليَتِيمِ).

المراد بـ (اليتيم) هنا هو الصَّغير، يَعْني: تعلمون أن اليتيمَ في الأصل هو الذي مات والده ولم يبلغ، أمَّا مَنْ ماتت أمه ولم يبلغ، وَأَبوه موجودٌ حيٌّ، لا يُسمَّى يتيمًا؛ لأنَّ الإنسان ينتسب إلى والدِهِ (٢).

إذًا، مَنْ مات أبوه وهو صغير لم يبلغ الحلم، فإنه يُسمَّى يتيمًا، والمراد هنا ليس فقط اليتيم الذي مات أبوه، بل القصد هنا باليتيم الصغير، والذي يرى أن الزكاة لا تجب على الصغير هو محمد بن الحسن من أصحاب أبي حنيفة (٣)، وقَدْ خالف في ذلك جماهير العلماء، بما فيهم إمامه أبو حنيفة، وأيضًا زميله أبو يوسف؛ لذلك يعتبر رأيه شاذًّا.

* قوله: (وَأَمَّا عَمَّنْ تَجِبُ؟ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى المَرْءِ فِي نَفْسِهِ، وَأَنَّهَا زَكاةُ بَدَنٍ لَا زَكاةُ مَالٍ).

"تجب على المرء في نفسه"، وكما جاء فى حديث ابن عمر وغيره: فَرضَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زكاة الفطر على الناس من رمضان، صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، على كل حرٍّ أو عبدٍ، ذكرٍ أو أنثى (٤).


(١) وقد سبق بيان ذلك.
(٢) يُنظر: "كشف المشكل من الصحيحين" لابن الجوزي (١/ ٣٧٣) حيث قال: "اليتيم: مَنْ مات أبوه وهو صغير"، ويُنظر: "عمدة القاري" للعيني (١٤/ ٦٢).
(٣) يُنظر: "درر الحكام" لملا خسرو (١/ ١٩٤) حيث قال: "لا تجب فطرة الصغير عند محمد وزفر لاشتراطهما العقل والبلوغ"، ويُنظر: "رد المحتار على الدر المختار" لابن عابدين (٢/ ٣٥٩، ٣٦٠).
(٤) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>