للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الرِّواية الأخرى: صغيرًا أو كبيرًا (١).

إذن، نَقُول هنا بأنَّ زكاة الفطر فرضٌ على كل مسلمٍ، صغيرًا كان أو كبيرًا، ذكرًا كان أو أنثى، حرًّا كان أو عبدًا، فَيَجب علَى الإنسَان المكلف أن يخرج عن نفسه، وأن يخرج عن أولاده ممَّن تلزمه نفقته، أمَّا أولاده الكبار الذين أصبحوا رجالًا، وخرجوا وتزوجوا، وأصبحوا يملكون الأموال، فانتهى أمرهم.

إذن، تَجب نفقتُهُ على نفسه؛ ولذلك كان عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- يُخْرج زكاة الفطر عن أهله جميعهم؛ صغيرهم وكبيرهم، وحُرِّهم وعبدهم، كما كان يخرجها عن رقيقِهِ، وعن رقيق زوجاتِهِ (٢).

وَسَيأتِي الخلاف أيضًا: هل زكاة الفطر بالنِّسبة للزوجة تجب على زوجها أو أنها تلزمها بنفسها؟ فمذهب الجمهور أنها تجب على الزوج (٣)؛ لأنه مسؤولٌ عنها، ومسؤولٌ عن الإنفاق عليها، فهي داخلةٌ في النفقات الواجبة عليها، فيلزمه إخراج الزكاة عنها، والحنفية يخالفون في ذلك (٤)، وهذا سيأتي الكلام عنه إن شاء اللَّه.


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرج عبد الرَّزَّاق في "مصنفه" (٣/ ٣٢٧)، عن نافعٍ قال: "كان ابن عُمَر يؤدِّي زكاة الفطر بالمدينة عن رقيقه الذين يعملون في أرضه، وعَنْ رقيق امرأته، وعن كل إنسانٍ يَعُوله".
(٣) عند الحنفية لَا تَجب على الزوج، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ٢٧٢) حيث قال: "وخرجت الزوجة والولد الكبير لعدم الولاية"، ويُنظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٢/ ٣٦٣).
أما المالكية، فتجب عندهم على الزوج، يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٢/ ٢٣٠) حيث قال: "ففطرة زوجته ولو حرة عليه لوجوب إنفاقه عليها".
وَكَذا الشافعيَّة، يُنظر: "نهاية المطلب" للجويني (٣/ ٣٧٦) حيث قال: "فالزوج يخرج فطرةَ زوجته، معسرةً كانت الزوجة أو موسرةً".
وَالحنابلَةُ، يُنظر: "دقائق أولي النهى" للبهوتي (١/ ٤٣٩) حيث قال: "وتَلْزمه؛ أي: المسلم إذا فضل عنده عما تقدَّم، وَعَن فطرته عمَّن يمونه من مسلمٍ، كزوجةٍ وعبدٍ".
(٤) سبق ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>