للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الخلاف الذي ذَكَره عن أبي ثورٍ خالف فيه الجمهور (١)، وأهل الظاهر أيضًا وافقوه في ذلك، بل أهل الظاهر يتوسعون في ذلك، ويَرَون أكثر مما رأى.

* قوله: (وَالجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَى المَرْءِ فِي أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ إِذَا كَانَ لَهُمْ مَالٌ - زَكَاةُ فِطْرٍ).

يريد المؤلف أن يقول: جمهور العلماء يَرَون أن الأب إذا كان عنده أولاد صغار يملكون مالًا، هذا المال قَدْ يكون ورثوه من أُمِّهم، أو تَكُون لهم أموالٌ جَاءَتهم عن طريق الهدايا ونحوها، فَالإنسَان يملك، قد يَمْلك وهو صغيرٌ، إما عن طريق الميراث، أَوْ عن طريق غيره، وقد يوجد من الصغار مَنْ عنده من الكياسة والدراية والفطنة ما يجعله يماكس في الأسواق، ويكسب مالًا، وربما يَكُون في سن السادسة أو السابعة، وقد تجد كبيرًا لا يُحْسن ذلك، كما في قصة الرجل الذي كان في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي يُخْدع في البيع (٢)، ولذلك المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، نعم الغالب أن الكبير يدرك الأمور؛ لأنه نضج وأصبح رجلًا


= أوجبها على الحر والعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، فمَنْ بعضه حر، وبعضه عبد، فليس حرًّا، ولا هو أيضًا عبد، ولا هو رقيق، فَسَقط بذلك عن أن يجب على مالكٍ بعضه عنه شيء، ولكنه ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، فوجبت عليه صدقة الفطر عن نفسه ولا بد بهذا النص، وهو قول أبي سليمان، وباللَّه تعالى التوفيق، وأما قولنا في المكاتب يؤدي بعض كتابته إنه يؤديها عن نفسه: فهو لأن بعضه حر، وبعضه مملوك كما ذكرنا؛ فإذ هو كذلك كما ذكرنا، فعليه إخراجها عن نفسه لما ذكرنا؟ ".
(١) الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ٢٧١) حيث قال: "عن نفسه وطفله الفقير وعبده لخدمته ومدبره وأم ولده".
المالكية، يُنظر: "التاج والإكليل" لأبي عبد اللَّه المواق (٣/ ٢٦٤) حيث قال: "يؤديها عمَّن تلزمه نفقته من الأحرار والعبيد المسلمين".
الشافعية، يُنظر: "نهاية المطلب" للجويني (٣/ ٣٧٧): "فَعَلى المولى فطرة عبيده".
الحنابلة: يُنْظر: "الفروع" لابن مفلح (٤/ ١٩٩) حيث قال: "فَيُؤَدِّي عَنْ عَبْدِهِ".
(٢) أخرجه البخاري (٢١١٧)، ومسلم (١٥٣٣) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

<<  <  ج: ص:  >  >>