يسير، بحيث أنه لا يؤثر على أوصاف الماء الثلاثة التي هي الطعم أو الريح أو اللون، وهذا محل اتفاقٍ بين العلماء أنه باقٍ على طهوريته، لكنَّ الكلام هنا عن الماء إذا خالطه طاهرٌ فغيَّر صفةً من صفاته، إما غير طعمه، فإذا شرب الإنسانُ أحسَّ بتغيّر الطعم، أو غيَّر لونَهُ، فتغير من لون الماء الأبيض إلى غيره، أصبح داكنًا أو غير ذلك، أو غيَّر طعمه، بأن تغير إذا شرب الإنسان أحس بتغيّر الطعم، أو تغيرت رائحته بأن خرجت فيه رائحة بيّنة، مع أن قضية الرائحة محل خلاف بين العلماء، لكن الخلافَ فيها يسيرٌ في المذاهب، فهم يدخلونها ضمن الصفات الثلاث.
هذا هو الماء الطاهر، وهذا الذي يتحدث عنه إذا خالطه طاهرٌ مما ينفك عنه غالبًا، لأنه قد يأتي طاهرٌ لا ينفك عن الماء غالبًا إمَّا لمجاورته، أو لأنَّه يعيش في وسط الماء، فهذا لا تأثيرَ له لأنَّه معفوٌّ عنه.
يعني بقوله:"التي تنفك منه غالبًا"، أي: التي يمكن الاحتراز منها، لكن التي لا تنفك منه غالبًا مثل الطحلب الذي يخرج في الماء، وكذلك الأوراق التي تنبت فيه أو تتساقط، وكذلك مما يكون في مجاورة الماء من الأشياء ذات الروائح كالعنبر والكافور والعود، وكذلك شجر الأدهان هذه قد تؤثر على رائحة الماء أو على طعمه، لكنَّها لا تسلبه الطهورية؛ لأنها أثَّرت عليه بالمجاورة لا بالاختلاط.
وهنا نعطي تفصيلًا يسيرًا: الطاهرات أنواعٌ: فهناك ما يُعرف بالطاهر المُعْتَصَر، أي: الذي يُعْتَصَرُ من الأشجارِ، وما يُعْرَفُ بماء الورد، أو كذلك الذي يُعتصَر من الفواكه، هذه كلُّها لا تُطهّر، يعني: هذه ليست محلًّا للطهارة، هذه التي تعصر من الأشجار أو من بعض النباتات أو الورود أو من الفواكه التي ترون، أو غيرها، هذه لا أثر لها في الطهارة، كذلك الماء إذا خالطته غيره من الطاهراتِ فسلبته اسمه، بمعنى: غُيِّر الاسم، فصار يُسمّى ماء الورد، أو ماء الزعفران، أو ماءَ القرنفل، أو ماءَ