الباقلاء والحمّصِ أو غير ذلك حينئذٍ هذا لا يُطهّر، إلا خلاف شاذّ في ماء الباقلاء، وهو وجهٌ ضعيف عند بعض علماء الشافعية، وكذلك نُقِلَ أيضًا عن ابن أبي ليلى والأصَمِّ أنهما قالا: بأنّ ما اعْتُصِرَ من النبات فإنه يُطهِّر، وهذه كلها آراءٌ شاذَّةٌ.
إذًا رأينا من هذا أن ما يُعْتَصرُ من نباتٍ أو شجرٍ، فإنه لا يُطهِّر قولًا واحدًا، كذلك ما خالط الماء فغيَّره لا يطهِّر أيضًا.
كذلك ما طُبِخَ في الماء من الطَّاهرات -كما ترون- في أنواع المرق من الكوسة والبامية وغير ذلك، والباقلاء والفول وغير ذلك، فهذه لا تُطهّر، وهذا هو النوعُ الأوَّلُ.
يأتي بعد ذلك قسمٌ آخر وهو يتنوعُ: أنواع الذي لا يؤثر على الماء، وهو الذي لا ينفكُّ عنه غالبًا كالطحلب وغيره مما يخرج في الماء، أو مما يجاور الماء من أشجار العنبر والعود وغير ذلك من التي تؤثر في ريحه.
كذلك أيضًا مما لا تأثير له في الماء مما يشرك الماء في صفة الطهورية والتطهير وهو التراب، إلَّا أن يكثر التراب بحيث يتحول الماء إلى طينٍ، فإنه حينئذٍ لا يصلح للطهارةِ به.
المحل الذي هو موضع خلاف هو الذي ذكره المؤلف، وهو الذي فيه تفصيل، الماء إذا خالطه زعفرانٌ أو ماء ورد أو قرنفل أو حمص أو باقلاء أو صابون أو أشنان أو غير ذلك من الطاهرات، فغيرت صفةً من صفاتِهِ، سيذكر المؤلف أن العلماء قد انقسموا إلى قسمين:
- جمهور الفقهاء: وهم المالكية والشافعية، وهي الرواية المشهورة عند الحنابلة، أنه يبقى طاهرًا وليس مطهِّرًا.
- القول الثاني: أنَّ هذه الأشياء التي خالطت الماءَ من الطَّاهرات فغيَّرت صفةً أو أكثر من صفاته، لا تسلبه صفة الطهورية، بل يبقى طهورًا يُتطَهَّر به كغيره، وهو مذهب الحنفية والرواية الأُخرى عن الحنابلة.