للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، لكن الخلاف: ما هو الأفضل؟ أهو أول وقت الصلاة أو آخره (١)؟

لا شك أن الأفضل هو أداء الصلاة على وقتها كما جاء في الحديث: سُئِلَ رَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: "الصلاة في أول وقتها" (٢)، عدا وقت اشتداد الحر، فإن العلماء نبهوا على أنه ينبغي تأخيرها إلى وقت الإبرادح لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أَبْردوا للصَّلاة، فإنَّ شدَّة الحرِّ من فَيْح جهنَّم" (٣)، وكذلك الحال بالنِّسبة لصلاة العشاء، فَمن العُلَماء من يستحبُّ تأخيرها، وقد حَصَل ذلك من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤)، وقد مَضى الكلام في ذلك تفصيلًا.

إذًا، شهر رمضان ظرفٌ ضيق، أما أوقات الصلاة فهي موسعة؛ ولذلك رمضان يؤدَّى في وقته، فلا يُصام معه غيره، وهذا أمرٌ متعذرٌ.

* قوله: (وَمِنْهُ مَا يَجِبُ لِعِلَّةٍ، وَهُوَ صِيَامُ الكَفَّارَاتِ).


(١) الحنفية، يُنظر: "رد المحتار" لابن عابدين (١/ ٣٦٧) حيث قال: "إن أداء الصلاة في أول الوقت أفضل إلا إذا تضمَّن التأخير فضيلةٍ لا تحصل بدونه كتكثير الجماعة".
والمالكية، يُنظر: "التاج والإكليل" لأبي عبد اللَّه المواق (٢/ ٣٨) حيث قال: "جمهور العلماء في الصلوات كلها أن المبادر لأدائها أفضل من المتأني لقوله سبحانه: {سَابِقُوا}، {وَسَارِعُوا}، ولحديث: "أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها". وانظر: "البيان والتحصيل" لمحمد بن رشد (١/ ٣٩٩).
والشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" (١/ ٣٠٥) حيث قال: "والأفضل أن يصليها أول وقتها كما قال: (ويسن تعجيل الصلاة لأول الوقت) إذا تيقنه ولو عشاء؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في جواب: أي الأعمال أفضل: "الصلاة في أول وقتها".
والحنابلة، يُنظر: "دقائق أولي النهي" للبهوتي (١/ ٢٦١) حيث قال: "وفضيلة أول الوقت أفضل من انتظار كثرة الجمع، وتقدم الجماعة مطلقًا على أول الوقت".
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٧)، ومسلم (٨٥) من حديث ابن مسعودٍ -رضي اللَّه عنه-.
(٣) أخرجه البخاري (٣٢٥٩) من حديث أبي سَعِيدٍ -رضي اللَّه عنه-.
(٤) أخرجه البخاري (٥٦٩)، ومسلم (٦٣٨) من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

<<  <  ج: ص:  >  >>