للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعضهم يقول: إذا لم يثقِ الناسُ برؤية هذا الشخص فهل يجب عليه أن يصوم، أو أنَّ الأمر متعلق بإمام المسلمين كما جاء في الحديث: "الصوم حين يصوم الناس والفطر حين يفطر الناس"، وفي رواية: "صوموا كما يصوم الناس وأفطروا كما يفطر الناس وضحوا كما يضحي الناس" (١) من العلماء من أوجب عليه الصيام، وسيأتي الكلام عنه -إن شاء اللَّه-.

لا شك أن الافتئات (٢) على الإمام والخروج عليه أمرٌ منكرٌ ومحذَّر عنه حتى في العبادات (٣)؛ ولذلك ينصُّ العلماءُ على أنَّ الإنسان في هذه الحالة فيما لو رأى الهلال يصوم ولا يعلن ذلك حتى لا يدور الخلاف بالأمة وهي مجتمعة، وحتى لا يوجد ثَلْمٌ (٤) ولو يسير في صف الأمة الإسلامية.

* قوله: (لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ" (٥).

وهذا أمر من الرسول يقتضي من المؤمنين تحرِّي رؤية شهر رمضان، وكذلك تحرِّي خروج شهر رمضان.

لكن قد يسأل سائل فيقول: لماذا أجمع العلماء على أنَّ شهر رمضان


(١) أخرجه الترمذي (٨٠٢) عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس". وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٤٢٨٧).
(٢) الافتيات: افتعال من الفوت، وهو السبق إلى الشيء دون ائتمار من يؤتمر. انظر: "الصحاح"، للجوهري (١/ ٢٦٠).
(٣) يُنظر: "الأحكام السلطانية"، للماوردي (ص ٣٩)؛ حيث قال: "فعلى كافة الأمة تفويض الأُمور العامة إليه من غير افتيات عليه ولا معارضة له؛ ليقوم بما وكل إليه من وجوه المصالح وتدبير الأعمال".
(٤) الثلمة: الخلل في الحائط وغيره. انظر: "الصحاح"، للجوهري (٥/ ١٨٨١).
(٥) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>