للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ورد في هذه المسألة عدَّةُ أدلة، ومن ذلك:

- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن صيام يوم الشك، وهذا الحديث متفق عليه (١).

- وجاء في حديث آخر صحيح ليس في "الصحيحين" أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من صام اليوم الذي يُشكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم" (٢).

إذن؛ هذا فيه نهي عن صيام يوم الشك.

وأصل الخلاف: يدور حول ما جاء في الحديث: "فإن غم عليكم فاقدروا له" (٣).

اختلف العلماء في تفسير هذه العبارة؛ فالحنابلة في روايتهم الأُخرى التي قالوا فيها: إنه يصام يوم الشك ويعتبر الأول من رمضان، وجهتهم في ذلك: أن عبد اللَّه بن عمر: -وهو راوي الحديث- كان يرى هذا الرأي، وفسروا: "فاقدروا له" (٤)؛ أي: ضيِّقوا له العدد؛ أي: اجعلوا شعبان تسعة وعشرين يومًا، فإذا ضيق العدد وأصبح شعبان تسعة وعشرين يومًا، صام الناس هذا اليوم الذي فيه غيم أو قطر.


(١) أخرجه البخاري (١٩١٤)، ومسلم (١٠٨٢) واللفظ له، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه".
(٢) أخرجه البخاري (١٩٠٥).
(٣) يُنظر: "شرح صحيح البخاري"، لابن بطال (٤/ ٢٧)؛ حيث قال: "وحكى محمد بن سيرين أن بعض التابعين كان يذهب في معنى قوله عليه السلام: "فاقدروا له" إلى اعتباره بالنجوم، ومنازل القمر، وطريق الحساب، ويقال: إنه مطرف بن الشخير".
(٤) يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٣٠١)؛ حيث قال: "ومعنى "فاقدروا له"؛ أي: ضيقوا لقوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: ٧]؛ أي: ضيق وهو أن يجعل شعبان تسعًا وعشرين يومًا، ويجوز أن يكون معناه: اقدروا زمانًا يطلع في مثله الهلال، وهذا الزمان يصح وجوده فيه أو يكون معناه: فاعلموا من طريق الحكم أنه تحت الغيم كقوله تعالى: {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ} [النمل: ٥٧]؛ أي: علمناها".

<<  <  ج: ص:  >  >>