للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّ مَعْنَى التَّقْدِيرِ لَهُ هُوَ عَدُّهُ بِالحِسَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يُصْبِحَ المَرْءُ صَائِمًا، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ (١) -كَمَا ذَكَرْنَا- وَفِيهِ بُعْدٌ فِي اللَّفْظِ، وَإِنَّمَا صَارَ الجُمْهُورُ إِلَى التَّأْوِيلِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الثَّابِتِ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلَاثِينَ").

الذي جعل بعض العلماء يستبعد هذا التفسير: "فاقدروا له"؛ أي: ضيقوا له العدد، واجعلوه تسعة وعشرين؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث ما يفسر ذلك: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"، وفي أحاديث: "ثلاثين يومًا". قالوا: هذا فسر الإجمال الذي ورد في رواية: "فاقدروا له".

يعني: إذا حال بينكم وبين رؤيته سحابٌ أو قترٌ، فماذا يفعل المسلم في هذه الحالة؟

من العلماء من قال: يتم شعبان ثلاثين يومًا كما هو رأي الأكثر.

ومنهم من قال: إنه يأخذ بالأحوط فيجعل شهر شعبان تسعة وعشرين يومًا ويصوم اليوم الذي يليه، وهذا الذي يصام ينظر فيه؛ فإن كان من رمضان فنعمَّا هو، وإلَّا فلا شيء في ذلك.

ومنهم من قال: إنْ صامه الناس صامه الإنسان وإلا فلا؛ لحديث: "الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون" (٢)،


(١) يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٣٠١ - ٣٠٢)؛ حيث قال: "مع أن بعض المحققين قالوا: الشهر أصله تسع وعشرون؛ يؤيده: ما رواه أحمد عن إسماعيل عن أيوب عن نافع قال: "كان عبد اللَّه بن عمر إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يومًا بعث مَن ينظر له فإن رآه فذاك وإن لم يره ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرًا، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائمًا"، ولا شك أنه راوي الخبر وأعلم بمعناه فتعين المصير إليه".
(٢) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>