للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى لا تستغل ويقال: إن المسلمين مختلفون، وإن فقههم إنما هو أجزاءٌ متشتتةٌ، وإنه لا توجد أصول وقواعد تمسك بها، كما هو تعليل من يقول: بأن الشريعة الإسلامية خلت من النظريات، وإنما هي جزئيات متشتتة منتثرة، لا تستطيع أن تمسك لها بطرف، لكن هذا كله غير صحيح؛ فإن العلماء قد وضعوا لها قواعد تمسك بأطرافها، وكلها تنظمها في سلك واحد، وهذا معروف في القواعد الفقهية، بل إن الفقه الإسلامي مليء بالنظريات والقواعد الفقهية.

* قوله: (وَذَلِكَ مُجْمَلٌ، وَهَذَا مُفَسَّرٌ، فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ المُجْمَلُ عَلَى المُفَسَّرِ، وَهِيَ طَرِيقَةٌ لَا خِلَافَ فِيهَا بَيْنَ الأُصُولِييِّنَ؛ فَإِنَّهُمْ لَيْسَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ المُجْمَلِ وَالمُفَسَّرِ تَعَارُضٌ أَصْلًا، فَمَذْهَبُ الجُمْهُورِ فِي هَذَا لَائِحٌ (١)، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي اعْتِبَارِ وَقْتِ الرُّؤْيَةِ: فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا رُئِيَ مِنَ العَشِيِّ (٢) أَنَّ الشَّهْرَ مِنَ اليَوْمِ الثَّانِي) (٣).

وهذا حقيقة ليس خاصًّا في رمضان، بل في عامة الأشهر.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا إِذَا رُئِيَ فِي سَائِرِ أَوْقَاتِ النَّهَارِ، أَعْنِي: أَوَّلَ مَا رُئِيَ).

فقد يُرى عندما يكون الجو صافيًا جدًّا، ويهب اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بعض الناس قوة في الإبصار، وقد وُجد من الناس مَن يرى النجوم في النهار، وهذا أمر قد عرف في زماننا وقبله، فيستطيع أن يرى أيضًا ذلك في النهار.


(١) لاح: برز وظهر. انظر: "لسان العرب"، لابن منظور (٢/ ٥٨٦).
(٢) العشي: يقع على ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها، كل ذلك عشي؛ فإذا غابت الشمس فهو العشاء. انظر: "تهذيب اللغة"، للأزهري (٣/ ٣٨).
(٣) يُنظر: "مراتب الإجماع"، لابن حزم (ص ٤٠)؛ حيث قال: "واتفقوا أن الهلال إذا ظهر بعد زوال الشمس ولم يعلم أنه ظهر بالأمس فإنه لليلة مقبلة".
وفي "الإقناع في مسائل الإجماع"، لابن القطان (١/ ٢٢٨) قال: "وإذا رئي الهلال بعد الزوال لم يجب الصوم إلا من الغد بالإجماع".

<<  <  ج: ص:  >  >>