للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَإِنَّمَا فَرَّقَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ هِلَالِ الصَّوْمِ وَالفِطْرِ لِمَكَانِ سَدِّ الذَّرِيعَةِ أَلَّا يَدَّعِيَ الفُسَّاقُ أَنَّهُمْ رَأَوُا الهِلَالَ فَيُفْطِرُونَ وَهُمْ بَعْدُ لَمْ يَرَوْهُ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ خَافَ التُّهْمَةَ، أَمْسَكَ عَنِ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَاعْتَقَدَ الفِطْرَ).

ومن المسائل التي عُني بها علماء الشريعة ما يعرف بسد الذرائع (١)؛ وهو باب واسع وعظيم في الفقه الإسلامي وفي أصوله، وكثيرًا ما يحتاج إليه الفقهاء.

أيضًا دائمًا درء المفاسد مقدم على جلب المصالح (٢)؛ فالإنسان مطالب بأن يؤدي المصالح، لكن قد يترتب عليها مفاسد فيدعها.

فسد الذرائع مطلوب في الشريعة الإسلامية لما يترتب عليه من أحكام، وقد يأتي الإنسان فيتخذ هذا الأمر وسيلة للوصول إلى تحقيق غاية، فيقول العلماء: الوسائل لها أحكام الغايات (٣).


(١) سد الذرائع معناه: حسم مادة وسائل الفساد دفعًا لها فمتى كان الفعل السالم عن المفسدة وسيلة للمفسدة منع مالك من ذلك الفعل في كثير من الصور. انظر: "الفروق"، للقرافي (٢/ ٣٢).
(٢) يُنظر: "الأشباه والنظائر"، للسبكي (١/ ١٠٥)؛ حيث قال: "درء المفاسد أولى من جلب المصالح، ويستثنى مسائل: يرجع حاصل مجموعها إلى أن المصلحة إذا عظم وقوعها وكان وقع المفسدة. كانت المصلحة أولى بالاعتبار".
وينظر: "التقرير والتحبير"، لابن أمير حاج (٣/ ٢١)؛ حيث قال: "اعتناء الشرع بدفع المفاسد آكد من اعتنائه بجلب المصالح؛ بدليل أنه يجب دفع كل مفسدة ولا يجب جلب كل مصلحة، والكراهة وإن كانت لدفع مفسدة إلا أن في العمل بها تجويزًا للفعل، وفيه إبطال المحرم بخلاف العكس فكان التحريم أولى".
(٣) يُنظر: "الفوائد في اختصار المقاصد"، للعز بن عبد السلام (ص ٤٣)؛ حيث قال: "وللوسائل أحكام المقاصد من الندب والإيجاب والتحريم والكراهة والإباحة، ورب وسيلة أفضل من مقصودها كالمعارف والأحوال وبعض الطاعات فإنها أفضل من ثوابها والإعانة على المباح أفضل من المباح لأن الإعانة عليه موجبة لثواب الآخرة وهو خير وأبقى من منافع المباح".

<<  <  ج: ص:  >  >>