للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينازعه؛ لأنه يقول: رأيت الهلال ولا يوجد منازعٌ له؛ إذن هي من قبيل الرواية. هذا هو كلام المؤلف.

* قوله: (لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إِمَّا أَنْ يَقُولَ: إِنَّ اشْتِرَاطَ العَدَدِ فِيهَا عِبَادَةٌ غَيْرُ مُعَلَّلَةٍ).

قضية الشهادة إمَّا أن ننظر إليها نظرة تعبدية فنقول: ما ورد في الشهادة إنما هو أمر تعبدي توقيفي لا يجوز الاجتهاد فيه فهذه شهادة، أو ليس أمرًا تعبديًّا، فمن الممكن أن نجعلها رواية وليست شهادة.

* قوله: (فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهَا).

(غير معللة)؛ أي: غير معقولة المعنى (١)، فلا ندرك كنهها، كما مرَّ بنا.

مثلًا: لماذا اشترط العلماء النية في الوضوء؟

لأدلة، منها حديث: "إنما الأعمال بالنيات" (٢). وبعضهم يقول: هي عبادة غير معقولة المعنى. وآخرون كالحنفية والثوري يقولون: عبادة معقولة المعنى؛ لأن النظافة مقصودة فيها، والجمهور يقولون: ليس المقصود بها النظافة فقط وإنما هي أمر تعبدي، بدليل أنَّ الإنسان إذا فقد الماء انتقل إلى التراب، والتراب لا ينظف الأعضاء وإنما يلوثها، وسمَّاه اللَّه تعالى طهورًا: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣] (٣).

* قوله: (وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: إِنَّ اشْتِرَاطَ العَدَدِ فِيهَا لِمَوْضِعِ التَّنَازُعِ


(١) يُنظر: "قواعد الأحكام"، للعز بن عبد السلام (١/ ٢٢)؛ حيث قال: "المشروعات؛ ضربان: أحدهما ما ظهر لنا أنه جالب لمصلحة أو دارئ لمفسدة، أو جالب دارئ لمفسدة، أو جالب دارئ لمصلحة، ويعبر عنه بأنه معقول المعنى. الضرب الثاني: ما لم يظهر لنا جلبه لمصلحة أو درؤه لمفسدة، ويعبر عنه بالتعبد".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم الكلام عليها بالتفصيل في باب الوضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>