للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال -عليه الصلاة والسلام-: "لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوا الهِلَالَ أَوْ تُكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلَاثِينَ ثُمَّ تَصُومُوا، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوا الهِلَالَ أَوْ تُتِمُّوا أَوْ تُكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلَاثِينَ"؛ يعني: حتى تروا الهلال أو تكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا، أو تروا الهلال -أي: حتى تروا هلال شوال- أو تكملوا رمضان ثلاثين يومًا.

قال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.

وقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا رأيتموه"، (إذا) ظرف لما يستقبل من الزمان تتضمن مع الشرط، ولذلك قرن الجواب بالفاء: "إذا رأيتموه فصوموا"، وهي تتضمن معنى السببية.

إذن السبب في الصيام هو الرؤية؛ فهل المراد به الذين يشاهدونه في البلد؛ لأن الإجماع قائم كما ذكر المؤلف؛ لأنه ليس المقصود أن يشاهده كل إنسان بنفسه أو أن يراه كل إنسان بنفسه، وإنما يراه عدل أو عدول فإذا ثبتت شهاداتهم اكتفى أهل البلد بذلك.

لكن هل هذا الحكم ينتقل إلى غيرهم؟ هذا هو محل الخلاف.

بعض العلماء يقول: إذا رئي في بلد وجب على أهل البلاد الأُخرى أن يصوموا (١)؛ عملًا بالآية وبالأحاديث التي ذكرت لكم طرفًا منها.


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "تبيين الحقائق"، للزيلعي (١/ ٣٢١)؛ حيث قال: " (ولا عبرة باختلاف المطالع) وقيل: يعتبر، ومعناه: أنه إذا رأى الهلال أهل بلد ولم يره أهل بلدة أُخرى يجب أن يصوموا برؤية أولئك كيفما كان على قول من قال: لا عبرة باختلاف المطالع وعلى قول مَن اعتبره ينظر فإن كان بينهما تقارب بحيث لا تختلف المطالع يجب وإن كان بحيث تختلف لا يجب، وأكثر المشايخ على أنه لا يعتبر حتى إذا صام أهل بلدة ثلاثين يومًا، وأهل بلدة أُخرى تسعة وعشرين يومًا يجب عليهم قضاء يوم، والأشبه أن يعتبر؛ لأن كل قوم مخاطبون بما عندهم وانفصال الهلال عن شعاع الشمس يختلف باختلاف الأقطار كما أن دخول الوقت وخروجه يختلف باختلاف الأقطار حتى إذا زالت الشمس في المشرق لا يلزم منه أن تزول في المغرب". =

<<  <  ج: ص:  >  >>