للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل رآه غيرك؟ قال: نعم، رآه معاوية والناس. ثم قال له: لكننا لم نره إلا ليلة السبت ولا نزال نصوم حتى نراه؛ يعني: سنصوم حتى نرى هلال شوال، أو نكمل العدة، يعني ثلاثين يومًا. فقال له كريب: أولَا تكتفي بشهادة معاوية أو الناس؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"؛ أي: ثلاثين يومًا.

وعلى هذا فيُفهم من حديث ابن عباس: أن لكل أهل بلد رؤية (١)، وهذا القول أخذ به إسحاق بن راهويه، وسالم بن عبد اللَّه، والقاسم بن محمد وغير هؤلاء من العلماء.

ومن العلماء من قال: إن الرؤية متحدة، وهذا هو رأي أكثر العلماء: كالمالكية والشافعية والحنابلة، وإن اختلفت بعض المذاهب في تفصيل هذه المسألة.

وهناك مَن توسط في هذا المقام فقال: نحن ننظر، إن كانت البلاد قريبًا بعضها من بعض، وضربوا مثلًا فيما ما مضى ببغداد والبصرة، ونحن نقول الآن مثلًا: ما بين المدينة وجدة، أو بين المدينة وبدر، أو بين المدينة ومكة، هذه المسافات ليست بعيدة، ففي مثل هذه الحالة تتحد الرؤية.

أما إن كانت البلاد بعيدة كما بين المدينة والشام، أو المدينة ومصر، أو مصر والأندلس، أو المغرب وأمريكا وهكذا، هنا المسافات متباعدة، فهل تختلف المطالع؟ قالوا: المطالع معتبرة، فإذا كانت متباعدة سواء كانت عَرْضًا؛ يعني على خط العرض الذي نسميه الآن، أو طولًا على خط الطول الذي اصطلحوا عليه.


(١) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء"، لابن المنذر (٣/ ١١٢)؛ حيث قال: "اختلف أهل العلم في الهلال يراه أهل بلدة ولا يراه غيرهم؛ فروينا عن عكرمة أنه قال: لكل قوم رؤيتهم، وبه قال إسحاق، وهو مذهب القاسم وسالم".

<<  <  ج: ص:  >  >>