للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن؛ القول الأول له أدلة، والثاني له أدلة، وهذا الوسط بينهما إنما هو اجتهاد بين هؤلاء، واعتبروه وسطًا، فربطوه بالمطالع.

ولذلك نحن نقول: هذه مسائل ينظر إليها في وقتها، فإن كانت المسافات متقاربة فلا ينبغي أن يفرق بينها، وإن كانت متباعدة لكنَّ المطالعَ متحدةٌ فينبغي أيضًا أن يؤخذ بها، لكن إن تردَّد الناس في ذلك أو لم يتبين لغيرهم فليأخذوا بما أخذت به البلاد الإسلامية، وهذا هو رأي أكثر العلماء.

* قوله: (فَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّ ابْنَ القَاسِمِ وَالمِصْرِيِّينَ رَوَوْا عَنْهُ).

وابن القاسم من أصحاب الإمام مالك، وأصحاب مالك كانوا متفرقين، فبعضهم كان في مصر، وبعضهم كان في المغرب، وكذلك الشافعي وغيره من الأئمة.

* قوله: (أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ أَهْلِ بَلَدٍ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ آخَرَ رَأَوْا الهِلَالَ أَنَّ عَلَيْهِمْ قَضَاءَ ذَلِكَ اليَوْمِ الَّذِي أَفْطَرُوهُ، وَصَامَهُ غَيْرُهُمْ (١)، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (٢) وَأَحْمَدُ) (٣).


(١) يُنظر: "النوادر والزيادات"، لابن أبي زيد (٢/ ١١)؛ حيث قال: "روى ابن القاسم، وابن وهب، عن مالك: أنه قال: وإذا صام أهل بلد ثم جاءهم أن أهل بلد غيرهم صاموا قبلهم، فإن استوقن ذلك فليقضوا".
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٢/ ١٤٤ - ١٤٥)؛ حيث قال: " (إذا رئي ببلد لزم حكمه البلد القريب) منه قطعًا كبغداد والكوفة؛ لأنهما كبلد واحدة كما في حاضري المسجد الحرام (دون البعيد في الأصح) كالحجاز والعراق. والثاني: يلزم في البعيد أيضًا (والبعيد مسافة القصر) وصححه المصنف في "شرح مسلم"؛ لأن الشرع علق بها كثيرًا من الأحكام (وقيل: باختلاف المطالع. قلت: هذا أصح، واللَّه أعلم)؛ لأن أمر الهلال لا تعلق له بمسافة القصر".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٤٧١)؛ حيث قال: " (وإذا ثبتت رؤيته)؛ أي: هلال رمضان (ببلد لزم الصوم جميع الناس) لحديث: "صوموا لرؤيته" وهو خطاب للأمة كافة؛ ولأن شهر رمضان ما بين الهلالين، وقد ثبت أن هذا اليوم منه في سائر الأحكام كحلول دين ووقوع طلاق، وعتق معلقين به ونحوه، فكذا حكم الصوم".

<<  <  ج: ص:  >  >>