للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان: ما دامت الشريعة بنيت على التخفيف فأتساهل حتى أرى الصباح قد بدا والضياء قد امتد، لا يجوز هذا، بل لا بدَّ أن ألتزم بالنصوص الصريحة في مثل هذا المقام.

* قوله: (وَفَائِدَةُ الفَرْقِ: أَنَّهُ إِذَا انْكَشَفَ أَنَّ مَا ظُنَّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُعْ كَانَ قَدْ طَلَعَ، فَمَنْ كَانَ الحَدُّ عِنْدَهُ هُوَ الطُّلُوعُ نَفْسُهُ، أَوْجَبَ عَلَيْهِ القَضَاءَ، وَمَنْ قَالَ: هُوَ العِلْمُ الحَاصِلُ بِهِ، لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ القَضَاءَ).

المراد هو الطلوع ذاته، فلو قُدِّر أن إنسانًا لم يتبين له، ثم تبين بعد ذلك أنه قد طلع قبل أن يمسك فهل عليه القضاء؟

من يقول بأنه الطلوع نفسه يلزمه القضاء، ومن لا فلا.

لكن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يضيق علينا في مثل هذه الأُمور، فما دام قد تبين لنا بياض النهار من سواد الليل قد انتهى.

* قوله: (وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ: الِاحْتِمَالُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧]، هَلْ عَلَى الإِمْسَاكِ بِالتَّبَيُّنِ نَفْسِهِ أَوْ بِالشَّيْءِ المُتَبَيَّنِ؟ لِأَنَّ العَرَبَ تَتَجَوَّزُ، فَتَسْتَعْمِلُ لَاحِقَ الشَّيْءِ بَدَلَ الشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}؛ لِأَنَّهُ إِذَا تبَيَّنَ فِي نَفْسِهِ، تَبَيَّنَ لَنَا، فَإِذَنْ إِضَافَةُ التَّبَيُّنِ لَنَا هِىَ الَّتِي أَوْقَعَتِ الخِلَافَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَبَيَّنُ فِي نَفْسِهِ، وَيَتَمَيَّزُ، وَلَا يَتَبَيَّنُ لَنَا).

بمعنى أنه طالما لم يرَ هذا البياض فاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يكلفنا بما لا نستطع القيام به، إنما اللَّه تعالى قال: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>