للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة: {كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ}؛ فاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رخَّصَ للمسلم أن يجامع أهله في ليل رمضان، أما النهار فلا يجوز، بل هو من الأُمور المغلظة؛ لأن الجماع أخطر وأغلظ ممن يأكل أو يشرب متعمدًا.

إذن هذه الآية ذكرت أمورًا ثلاثة: الأكل والشرب والجماع، فهذه نص في هذه المسألة، والأحاديث الكثيرة أيضًا تؤيد ذلك.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا مَسْكُوتٌ عَنْهَا، وَمِنْهَا مَنْطُوقٌ بِهَا).

وهذه المسائل التى سيذكرها المؤلف ذات علاقة بالأكل والشرب والجماع، وهذه المسائل على نوعين: مسكوت عنها ومنطوق بها، ومعنى مسكوت عنها؛ أي: أنه لم ينطق بها النص، ومنطوق بها؛ أي: نطق بها النص، كما في قوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} فنطق النص بذلك.

إذن هناك مسائل منطوق بها، وهناك مسائل مسكوت عنها لكنها ملحقة بالمنطوق بها، وبعضها محل خلاف: هل يلحق أو لا يلحق؛ لأنَّ من العلماء من يقول: كلُّ ما وصل إلى الجوف فإنه يفطر الصائم، من أيِّ منفذ كان، وبعضهم: يخُصُّ ذلك بما وصل عن الطريق المعتاد وهو الفم، وبعضهم يرى: أنَّ الكحل لو وصل الحلق يفطر (١)، وأنَّ الحقن المعروفة


= ذلك يسرًا لمن بقي ورخصة ومنفعة، فقال سبحانه: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} الآية، وكان هذا مما نفع اللَّه به الناس ورخص لهم ويسر". وصححه الألباني في "صحيح أبي داود - الأم" (٢٠٠٣).
(١) مذهب المالكية، يُنظر: "المدونة"، لابن القاسم (١/ ٢٦٩)؛ حيث قال: "قلت لابن القاسم: فهل كان مالك يكره السعوط للصائم؟ قال: نعم. قلت: فهل كان مالك يكره الكحل للصائم؟ فقال: قال مالك: هو أعلم بنفسه، منهم من يدخل ذلك حلقه ومنهم من لا يدخل ذلك حلقه، فإن كان ممن يدخل ذلك حلقه فلا يفعل. قلت: فإن فعل أترى عليه القضاء والكفارة؟ فقال: قال مالك: إذا دخل حلقه وعلم أنه قد وصل الكحل إلى حلقه فعليه القضاء. قلت: أفيكون عليه الكفارة؟ قال: لا كفارة عليه عند =

<<  <  ج: ص:  >  >>