للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَامَ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا حَمَلَ حَدِيثَ النَّهْي عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَحَدِيثَ الِاحْتِجَامِ عَلَى رَفْعِ الْحَظْرِ، وَمَنْ أَسْقَطَهُمَا لِلتَّعَارُضِ قَالَ بِإِبَاحَةِ الِاحْتِجَامِ لِلصَّائِمِ).

اعلم أنه لا يمكن أن يجيز النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الحجامة ويمنعها من جانب آخر، كما أنه لا يمكن أن يُقال: إنَّ هذا أمرٌ خاصٌّ بالنبَّي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهذا يحتاج إلى دليلٍ.

كذلك أيضًا القول بالنَّسخ، وكون أحد الحديثين: ناسخًا، والآخر: منسوخًا، فهذا يحتاج إلى معرفة المتقدم من المتأخر، وهذا لا يُعرف إلا بالتاريخ، وكل ذلك غير واردٍ.

كذلك يبعد حمل النهي في هذه المسألة على الكراهية؛ لدلالة قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفطر الحاجم والمحجوم" (١)، على فساد الصوم، فليست القضية قضيةَ كراهة، بل هما قولان متقابلان، يفطر المحتجم، لا يفطر.

وأما قضية الإسقاط، فلا يمكنُ أن تَسقُط أحاديثُ صحيحةٌ ثابتةٌ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لمجرد أنَّه قد بدا التعارض بينها.

* قوله: (وَأَمَّا الْقَيْءُ: فَإِنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ (٢) عَلَى أَنَّ مَنْ ذَرَعَهُ (٣) الْقَيْءُ فَلَيْسَ بِمُفْطِرٍ، إِلَّا رَبِيعَةَ (٤) فَإِنَّهُ قَالَ: مُفْطِرٌ، وَجُمْهُورُهُمْ (٥) أَيْضًا


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) هذا إجماعٌ. يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ٢٣٧) حيث قال: وأجمعوا أنه لا شيءَ على الصائم إذا ذرعه القيءُ إلا الحسن البصري فإنه قال: عليه. ووافق في أُخرى.
(٣) ذرعه القيء؛ أي: غلبه وسبقه فخرج من فيه. انظر: "العين" للخليل (٢/ ٩٧) و"جمهرة اللغة" لابن دريد (٢/ ٦٩١).
(٤) يُنظر: "الجامع لمسائل المدوَّنة" لابن يونس (٣/ ١١١٧) حيث قال: وقال ربيعة: يقضي فيهما. ودليله أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- "قاء فأفطر". قال: "ومن استقاء عامدًا فعليه القضاء".
(٥) مذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ٢٩٥) حيث قال: (قوله أو قاء وعاد لم يفطر) لحديث السنن "من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه القضاء، وإن =

<<  <  ج: ص:  >  >>