للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَقَاءَ فَقَاءَ فَإِنَّهُ مُفْطِرٌ إِلَّا طَاوُسًا) (١).

القيء: هو هذا الذي يخرج من المعدة، وله حالتان:

الحالة الأولى: أنْ يغلب الإنسان فيخرج منه من غير إرادته.

الحالة الثانية: أنْ يتعمَّد إخراجه، كأن يحسَّ رعشةً في نفسه أو اضطرابًا ونحو ذلك فيتعمد القيء، وقد لا يجد شيئًا من ذلك فيدخل إصبعه في حلقه ليقيء. وفرقٌ بين الحالتين؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء" (٢)، ومعنى: ذرعه (٣)


= استقاء فليقض" وإنما ذكر العود ليفيد أنَّ مجرد القيء بلا عودٍ لا يفطر بالأولى وأطلقه فشمل ما إذا ملأ الفم أو لا، وفيما إذا عاد وملأ الفم خلاف أبي يوسف، والصحيح قول محمد؛ لعدم وجود الصنع؛ ولعدم وجود صورة الفطر، وهو الابتلاع، وكذا معناه؛ لأنه لا يتغذى به بل النفس تعافه.
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدَّردير، وحاشية الدسوقي (١/ ٥٢٣) حيث قال: (و) بترك إخراج (قيءٍ) فإنْ استدعاه فالقضاء دون الكفارة ما لم يرجع منه شيءٌ ولو غلبةً، وإن خرج منه قهرًا فلا قضاء إلا أن يرجع منه شيءٌ فالقضاء فقط ما لم يختر في إرجاعه فالكفارة أيضًا.
مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٤١٥) حيث قال: (و) يُفطر (باستدعاء القيء) وإن لم يعد شيءٌ منه إلى جوفه فإنه مفطر لعينه لا لعود شيءٍ منه (لا إنْ ذرعه) القيءُ بالذال المعجمة؛ أي: غلبه فلا يفطر به لخبر: "من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء ومن استقاء فليقض" رواه ابن حبان وغيره وصححوه.
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشَّاف القناع" للبهوتي (٢/ ٣١٨) حيث قال: (أو استقاء)، أي: استدعى القيء (فقاء طعامًا أو مرارًا أو بلغمًا أو دمًا أو غيره ولو قلَّ) لحديث أبي هريرة المرفوع: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا فليقض" رواه الخمسة، وقال الترمذي: حسن غريبٌ ورواه الدارقطني وقال: إسناده كلهم ثقات.
(١) يُنظر: "الجامع لمسائل المدوَّنة" لابن يونس (٣/ ١١١٧) حيث قال: وقال طاوس: لا قضاء عليه فيهما. ودليله قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: " ثلاثٌ لا يفطِّرن الصائم" فذكر القيء.
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٦٧٦) وصحَّحه الألباني في إرواء الغليل (٩٢٣).
(٣) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>