للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهب الجمهور -ومنهم الأئمة الأربعة-: إلى أنَّ النية شرطٌ في صحة الصيام، وإن كان حصل خلافٌ من بعضهم فيما يتعلَّق ببعض التفاصيل، لكنهم متفقون من حيث الجملة على أنَّ النية شرطٌ في صحة الصيام.

وشذَّ زفر -من الحنفية- فقال: لا يحتاج رمضان إلى نيةٍ، وهو قولُ عطاء ومجاهد (١) من التابعين، وعلَّلوا ذلك بأنَّ شهر رمضان ظرفٌ لهذه العبادة فلا يمكن أن يشركه غيره فيه، لكن لو كان قضاءً فلا بدَّ من تعيينه، وكذلك إذا كان الإنسان مسافرًا أو مريضًا فلا بدَّ من تعيين نيَّة الصيام؛ لأنَّ المسافر والمريض يباح لهما الفطر وإن كان عليهما القضاء لقول اللَّه تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤].

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمُ: الِاحْتِمَالُ الْمُتَطَرِّقُ إِلَى الصَّوْمِ؛ هَلْ هُوَ عِبَادَةٌ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى أَوْ غَيْرُ مَعْقُولَةِ الْمَعْنَى (٢)؟ فَمَنْ رَأَى أَنَّهَا غَيْرُ مَعْقُولَةِ الْمَعْنَى أَوْجَبَ النِّيَّةَ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهَا مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى قَالَ: قَدْ حَصَلَ الْمَعْنَى إِذَا صَامَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، لَكِنَّ تَخْصِيصَ زُفَرَ رَمَضانَ بِذَلِكَ مِنْ بَيْنِ أَنْوَاعِ الصَّوْمِ فِيهِ ضَعْفٌ وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى أَنَّ أَيَّامَ رَمَضَانَ لَا يَجُوزُ فِيهَا الْفِطْرُ، رَأَى أَنَّ كُلَّ صَوْمٍ يَقَعُ فِيهَا يَنْقَلِبُ صَوْمًا شَرْعِيًّا، وَأَنَّ هَذَا شَيْءٌ يَخُصُّ هَذِهِ الْأَيَامَ).


= حقِّ المقيم جائزٌ بدون النية، واحتج بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} أمر بصوم الشهر مطلقًا عن شرط النية، والصوم هو الإمساك.
(١) يُنظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (٦/ ٣٠٠) حيث قال: لا يصح صومٌ إلا بنيةٍ سواء الصوم الواجب من رمضان وغيره والتطوع وبه قال العلماء كافة إلا عطاء ومجاهد وزفر فإنهم قالوا: إن كان الصوم متعينًا بأن يكون صحيحًا مقيمًا في شهر رمضان فلا يفتقر إلى نيةٍ.
(٢) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>