للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديث معاوية -رضي اللَّه عنه- إنما يتعلَّق بصيام يوم عاشوراء، ولكن المؤلِّف رَحِمَهُ اللَّهُ أورده هنا ليجعله في مقابل القول الأوَّلِ.

* قوله: (فَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ أَخَذَ بِحَدِيثِ حَفْصَةَ، وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْجَمْعِ فَرَّقَ بَيْنَ النَّفْلِ وَالْفَرْضِ -أَعْنِي: حَمَلَ حَدِيثَ حَفْصَةَ عَلَى الْفَرْضِ، وَحَدِيثَ عَائِشَةَ وَمُعَاوِيَةَ عَلَى النَّفْلِ-).

حديث حفصة: "من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له" (١).

قوله: (وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْجَمْعِ فَرَّقَ بَيْنَ النَّفْلِ وَالْفَرْضِ)، وهذا أمثلُ الأقوال وأرجحها في نظري للجمع بين الأدلَّة، فحملوا حديث حفصة على الفرض، وحملوا بقيَّة الأحاديث على النفل، وبذلك تلتقي الأدلَّة، وهو قولٌ بإذن اللَّه صائبٌ، وهو أيضًا قول راجحٌ في نظرنا.

* قوله: (وَإِنَّمَا فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الْوَاجِبِ الْمُعَيَّنِ وَالْوَاجِبِ فِي الذِّمَّةِ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُعَيَّنَ لَهُ وَقْتٌ مَخْصُوصٌ يَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ فِي التَّعْيِينِ، وَالَّذِي فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَخْصُوصٌ، فَأَوْجَبَ إِذَن التَّعْيِينَ بِالنِّيَّةَ).

(الواجب المعين) كشهر رمضان، أو كنذر أيامٍ محدَّدةٍ معروفةٍ، (وغير المعين) كأن يكون على الإنسان كفارة صيام، والكفارة يشترط فيها التَّتابع، أو نذرٌ مطلقٌ، (والواجب الذي في الذمَّة)، كأن يكون على الإنسان جُزءٌ من رمضان، فهذا في ذمة الإنسان يجب عليه أنْ يصومه قضاءً، لكن ليس له وقتٌ محددٌ. يعني: لو أنَّ إنسانًا أفطر عشرة أيامٍ من رمضان، فإنه لا يلزمه وجوبًا على القول الصَّحيح أنْ يقضيها في شوال، ولا أنْ يقضيها


(١) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>