للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزُّبَيْرِ وَطَاوُسٍ أَنَّهُ إِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ أَفْسَدَ صَوْمَهُ) (١).

انتقل المؤلِّف إلى مسألةٍ جديدةٍ دون أن يُعنون لها، وهي ما لو جامع فأدركه الفجر وهو على جنابةٍ، فهل يصحُّ صومه أو لا؟

قد اختلف العلماء في هذه المسألة: والصحيح أنَّ صومه صحيحٌ؛ لأنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك كما في حديثي عائشة وحفصة المتفق عليهما.

* قوله: (ومن الحُجة. . .)؛ أي: للقائلين بأنَّ من أصبح جنبًا فصيامه صحيحٌ -وهم الجمهور- أنَّ الإنسان يحتلمُ في نهار رمضان، ومع ذلك يصحُّ صيامُه.

وذهب إبراهيم وعروة وطاوس إلى من جامع بليلٍ وأمكنه أن يغتسل، لكنه تكاسل وأخَّر ذلك حتى أدركه الفجر، فإنه يفسد صومه، وهو قول شاذٌّ كما سيشير إليه المؤلِّف، والصَّواب ما ذهب إليه الجمهور، وإن كان أولى بالمرء أنْ يغتسل ويتهيَّأ، ولكن لا يحكم بفساد صومه، وقد فعله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو غير خاصٍّ به.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ أَفْطَرَ"، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَنَا قُلْتُهُ، مُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. وَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ الْحَائِضَ إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ فَأَخَّرَتِ الْغُسْلَ أَنَّ يَوْمَهَا يَوْمُ فِطْرٍ (٢)، وَأَقَاوِيلُ هَؤُلَاءِ شَاذَّةٌ وَمَرْدُودَةٌ بِالسُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ الثَّابِتَةِ).


(١) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٣/ ١٣٦) حيث قال: وفي قول ثالث: روى ذلك عن أبي هريرة أنه قال: إذا علم بجنابته، ثم نام حتى يُصبح فهو مفطرٌ، وإن لم يعلم حتى يُصبح فهو صائمٌ، وروى ذلك عن طاوس، وعروة بن الزبير. وقد روينا عن النخعي قولًا رابعًا: وهو أنَّ ذلك يجزيه في التطوع ويقضي يومًا في الفرض.
(٢) يُنظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص: ٧٧) حيث قال: وإن أخرت الغسل إلى =

<<  <  ج: ص:  >  >>