للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا التقسيم الذي ذكره المؤلف مجمعٌ عليه، لكن ليس كل ما ذُكر هنا من الأحكام مجمعٌ عليه.

* قوله: (فَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَالنَّظَرُ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا: هَلْ إِنْ صَامَ أَجْزَأَهُ صَوْمُهُ أَمْ لَيْسَ يُجْزِيهِ؟).


= والفدية على أصحِّ أقواله عندهم (هو يعتبره بالشيخ الفاني) فإنَّ الفطر حصل بسبب نفسٍ عاجزةٍ عن الصوم خلقةً لا علة فتجب الفدية كفطر الشيخ الفاني، ولأنَّ فيه منفعة نفسها وولدها، فبالنظر إلى نفسها يجب القضاء، وبالنظر إلى منفعة ولدها تجب الفدية.
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدَّردير، وحاشية الدسوقي (١/ ٥٣٦) حيث قال: (خافتا) بالصوم (على ولديهما) فيجوز فطرهما إن خافتا عليه المرض أو زيادته ويجب إن خافتا هلاكًا أو شديد أذى، وأما خوفهما على أنفسهما فهو داخل عموم قوله وبمرضٍ. . . إلخ؛ لأن الحمل مرضٌ والرضاع في حكمه ولذا كانت الحامل لا إطعام عليها بخلاف المرضع.
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ١٧٤) حيث قال: فإنْ قيل: إذا خافتا على أنفسهما مع ولديهما فهو فطرٌ ارتفق به شخصان، فكان ينبغي الفدية قياسًا على ما سيأتي. أجيب بأنَّ الآية وردت في عدم الفدية فيما إذا أفطرتا خوفًا على أنفسهما، فلا فرق بين أن يكون الخوف مع غيرهما أو لا، وهي قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا}. . إلى آخرها (أو) خافتا (على الولد) وحده بأن تخاف الحامل من إسقاطه أو المرضع بأن يقلَّ اللبن فيهلك الولد (لزمتهما) من مالهما مع القضاء (الفدية في الأظهر)، وإن كانتا مسافرتين أو مريضتين؛ لما روى أبو داود والبيهقي بإسناد حسنٍ عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: ١٨٤]. أنه نسخ حكمه إلا في حقهما حينئذٍ، والناسخ له قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}. . والقول بنسخه قول أكثر العلماء.
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشَّاف القناع" للبهوتي (٢/ ٣١٣) حيث قال: (إن خافتا على ولديهما) فقط (أطعمتا مع القضاء)؛ لأنه كالتكملة له (عن كل يوم مسكينًا ما يجزئ في الكفارة) لقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، قال ابن عباس: "كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يومٍ مسكينًا، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا" رواه أبو داود وروى ذلك عن ابن عمر، ولا مخالف لهما من الصحابة؛ ولأنه فطرٌ بسبب نفسٍ عاجزةٍ من طريق الخلقة فوجب به الكفارة كالشيخ الهرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>