للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو الآكل بعد أكلِهِ، ونجد عادةًا لفقهاء ما يقولون: السؤر طاهر أو نجس؟ ويقصدون بالسؤر ما يبقى من لعاب (١) الحيوان، ورطوبة فمه، فيَقُولُون: هَلْ هذا اللُّعاب الذي يصدر أو هذه الرطوبة التي تَبْقَى في الإناء أو اللعاب، هل هو طاهر أو نجس؟ فهذا هو مرادهم، وأما قضية السؤر أو الأسآر، فهي جمع سؤر، والسؤر ما يبقى بعد شرب الشارب أو ما أكل الآكل.

وهنا قال: (اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى طَهَارَةِ أَسْآرِ المُسْلِمِينَ) إلا أنه نُقِلَ عن النخعي أنه يكره سؤر الحائض (٢)، وهذا محجوجٌ حقيقةً بأدلة كثيرة، ومنها الحديث الصحيح الذي ثبت فيه أن الرَّسُولَ -عليه الصلاة والسلام- شرب من الموضع الذي شربت منه عائشة وهي حائض (٣)، وكذلك قال: "نَاوِليني الخصرة (٤) " (٥)، يعني: السجادة، وكانت تسرح شعره، وتعرفوق ذلك ألاختلاط بالحائض.

ففي الحقيقة هذه دعوى بدون دَلِيلٍ، فالحائض كالحال في الجنب، هي باقيةٌ، ولا تتأثَّر بذلك، وإنما هناك أمورٌ تُمْنع الحَائض من أدائها؛ مثلها كالجنب في ذلك، كالصَّلاة (٦)، وقراءة


(١) "اللُّعاب": ما يسيل من الفم. انظر: "مختار الصحاح" للرازي (ص ٢٨٢).
(٢) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (١/ ٤٥٩)، حيث قال: وروينا عن النخعي أنه كان يكره فضل شراب الحائض، ولا يرى بفضل وضوئها بأسًا، ويكره فضل شراب الجنب ووضوئه.
(٣) أخرجه مسلم (٣٠٠)، عَنْ عائشة قالت: "كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي -صلى الله عليه وسلم-، فَيَضع فَاه على موضع فيِّ، فيشرب، وأتعرق العرق وأنا حائض، ثم أناوله النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيضع فاه على موضع فيِّ ".
(٤) "الخُمْرة" بالضم: سجاد تعمل من سعف النخل، وترمل بالخيوط. انظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٦٤٩).
(٥) أخرجه مسلم (٢٩٨) عن عائشة قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ناوليني الخمرة من المسجد"، قالت: فقُلْت: إني حائض، فقال: "إنَّ حيضتك ليست في يدكِ ".
(٦) للحديث الذي أخرجه البخاري (٢٢٨) ومسلم (٣٣٣)، عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض فلا=

<<  <  ج: ص:  >  >>