للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينقسم مفهوم الموافقة إلى قسمين:

مفهوم أولى، ويطلق عليه فحوى الخطاب، ومفهوم مساوٍ وهو الذي يعرف بلحن الخطاب.

وبيانُ ذلك: أنَّ مفهوم الموافقة: هو أن يعطى حكم المسكوت عنه حكم المنطوق، يعني: أن ينقل حكم ما نطق به النصُّ إلى المسكوت عنه.

وينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: مفهوم موافقةٍ أولى، ويعرف أيضًا بفحوى الخطاب وتنبيهِ الخطاب (١)، فقوله تعالى فيما يتعلَّق بطاعة الوالدين: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: ٢٣]، فيه نهى الأبناء أن يتأفَّف أحدهم أمام والديه، أو أن ينهرهما، وهناك أشياء أُخرى سكت عنها وهي أولى مثل أنْ يرفع الصوت عليهما أو يضربهما أو أن يشتمهما أو أنْ يحبسهما أو أن يمنعَ عنهما الطعام، فهذا كلُّه لا يجوز من باب أولى.

القسم الثاني: مفهوم موافقةٍ مساوٍ: وهو أن يكون حكم المسكوت عنه موافقًا ومساويًا لحكم المنطوق به، وهو ما يسمَّى بلحن الخطاب،


= قال: وأما الثابت بدلالة النص فما ثبت بمعنى النص لغة لا اجتهادًا ولا استنباطًا مثل قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣]، هذا قول معلوم بظاهره معلوم بمعناه، وهو الأذى.
(١) يُنظر: "التحبير شرح التحرير" للمرداوي (٦/ ٢٨٨١) حيث قال: والصحيح أنَّ مفهوم الموافقة قسمان: قسمٌ يكون أولى بالحكم، وهو الأكثر، وقسم يكون مساويًا، وقد تقدم مثالهما.
وهذا عليه الأكثر، منهم: الغزالي، والرازي، وأتباعه، وهو ظاهر استدلالات الأئمة. وقيل: لا يكون مفهوم الموافقة مساويًا للمنطوق، وهو مقتضى نقل إمام الحرمين عن الشافعي، وعزاه الهندي للأكثر، وبه قال أبو إسحاق الشيرازي وغيره من الشافعية وإن كان مثل الأولى في الاحتجاج به قالوا: والخلاف في التسمية فقط، وأما الاحتجاج فيحتج بالمساوي كاحتجاجهم بالأولى، ولذلك قلنا: وهو لفظي؛ أي: الخلاف في اللفظ لا في المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>