للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على مذهبه، فأهل الظاهر يأخذون بظاهرها، والجمهور يقدرون محذوفًا، أي: أنَّ في الآية إيجازًا بالحذف، وهو أولى من قول المؤلف إنَّ بالآية مجازًا.

ثم احتجَّ كِلَا الفريقين على قوله بأدلةٍ من السنن، على ما سيبيِّنه المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى.

* قوله: (أَمَّا الْجُمْهُورُ فَيَحْتَجُّونَ لِمَذْهَبِهِمْ بِمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: "سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي رَمَضَانَ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ" (١)، وَبِمَا ثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُسَافِرُونَ فَيَصُومُ بَعْضُهُمْ وَيُفْطِرُ بَعْضُهُمْ) (٢).

أما أنس بن مالكٍ -رضي اللَّه عنه- فهو خادمُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأحد أصحابه -رضي اللَّه عنه-، وهو من الصحابة الذين عُمِّروا وكان من المكثرين من رواية الأحاديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وهذا اللفظ الذي أورده المصنف أوله لفظ مسلمٍ وهو عند البخاري بلفظ: "كنا نسافر" (٣)، وأما بقية الحديث فهو متفق عليه بين البخاري ومسلم.

وهذا الحديث واضح الدلالة على ما ذهب إليه الجمهور حيث إنهم كانوا يسافرون مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان منهم الصائمون ومنهم المفطرون، وسيأتي نحوه أيضًا في حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-.

كما دلَّ أيضًا على أنَّ الإفطار في السفر رخصةٌ، والصيام عزيمةٌ،


(١) أخرجه البخاري (١٩٤٧) ومسلم (١١١٨/ ٩٨).
(٢) أخرجه مسلمٌ (١١١٨/ ٩٩).
(٣) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>