للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللَّه يحب أنْ تؤتى رخصُه كما يكره أن تؤتى معاصيه (١).

وأخرج مسلم (٢) وغيره (٣) عن أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- قال: "غزونا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لست عشرة بقيت من رمضان، ومنا الصائم ومنا المفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم".

فهذا الحديث يحكي فعلًا للصحابة -رضي اللَّه عنهم- أقرَّهم عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذلك غاية في الحجة على هذا المذهب.

* قوله: (وَأَهْلُ الظَّاهِرِ (٤) يَحْتَجُّونَ لِمَذْهَبِهِمْ بِمَا ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَافَرَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ" (٥). وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٦).

قَالُوا: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ الصَّوْمِ، قَالَ أَبُو عُمَرَ (٧): وَالْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ الظَّاهِرِ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا صَامَ أَجْزَأَهُ صَوْمُهُ).


(١) معنى حديث أخرجه أحمد (٥٨٦٦) عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته" وصححه الأرناؤوط.
(٢) أخرجه مسلم (١١١٦).
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (١١٧٠٥)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيحٌ على شرط مسلمٍ.
(٤) تقدَّم قولهم.
(٥) أخرجه البخاري (١٩٤٤)، ومسلم (١١١٣).
(٦) أخرجه مسلم (١١١٣/ ٨٨).
(٧) يُنظر: الاستذكار (٣/ ٣٠٥)، وفيه قال: "فأما من احتجَّ بقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، وزعم أنَّ ذلك عزمة فلا دليل على ذلك لأنَّ ظاهر الكلام وسياقه يدل على الرخصة والتخيير، والدليل على ذلك قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، ودليلٌ آخر أنَّ المريض الحامل على نفسه إذا صام فإنَّ ذلك يجزئ عنه فدل ذلك أنه رخصة له والمسافر في المعنى مثله".

<<  <  ج: ص:  >  >>